و الأقوى من هذه الوجوه ما عرفت من أن العبرة بالمتقدم و ان كان أجازه، لان الغرض من الاستئمار هو الاستئمار بأمره ابتداء لا إلى الأبد، فالمتبع هو الأول، فإذا قال: امض و أمضي، فقد وجب العقد، و لا مقتضى لفسخه و ان أمره بالفسخ ثانيا، لأنه خارج عن مقتضى الاشتراط.
ثم ان هذه الاحتمالات الأربعة إنما يأتي فيما هو ظاهر الاستئمار الذي فهما الكل، و هو ما بيّناه من رجوعه الى اشتراط الخيار المعلق بالأمر بالفسخ بعد الاستئمار، و هو ما كان الغرض من الاستئمار، الاستئمار بأمره الإرشادي، على ما حققناه.
أما إذا كان الغرض منه اشتراط الخيار بعد المشاورة على وجه يكون له الخيار بعد الاستئمار و الاستشارة و ان اختار خلاف رأيه لا متابعة قوله و أمره، فلا اشكال فيه، إذ المتبع فيه هو ما ساعد نظره، فله الإمضاء و ان أمره بالفسخ، و له الفسخ و ان أمره بالإمضاء، لحصول شرط الخيار و هو الاستئمار.
لان المفروض عدم تعلق الغرض بمتابعة رأيه بل تعلقه بثبوت الخيار له و العمل على مقتضى رأي نفسه لكن بعد حصول المشاورة و الاستئمار فاذا حصل ثبت الخيار و له اختيار ما شاء فسخا كان أو اجازة و ان خالف نظر المستأمر منه على ذلك كله.
و في «الجواهر» قال بعد ذكر تقدم الفاسخ عند تعدد المستأمر ما لفظه: إذا اختلف رأيه في المدة احتمل ذلك- أي تقدم الفاسخ- مطلقا أو بشرط التأخر و الأخذ بالمقدم مطلقا و المؤخر كذلك، ثم قال: هذا كله بناءا على معلومية إرادة ما عرفت من اشتراط الاستئمار أما إذ أريد غير ذلك من المشاورة و احالة الرأي معه لا اتباع أمره أو نحو ذلك امتنع، عملا بالشرط، و لعل إطلاق اشتراط الاستئمار ظاهر فيما ذكره الأصحاب. انتهى. و مراده ما حققناه.