و هكذا كان أمر الإمام المهديّ «عجل اللّه فرجه» . فقد كان و ما يزال يصنع على عين اللّه، و تحت رعايته، و حمايته، و حفظه، لأنّه الرّجل المذخور لليوم الموعود، هُوَ اَلَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدىََ وَ دِينِ اَلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى اَلدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ اَلْمُشْرِكُونَ[2] . لقد كانت ولادة الإمام المهديّ ايذانا بدخول البشرية عامة، و الأمّة الإسلاميّة خاصة، مرحلة خطيرة في مسيرتها الكادحة نحو اللّه تعالى...
تلك هي مرحلة الغيبة الكبرى... مرحلة توقف القيادة التّأريخية لهذه المسيرة عن ممارسة أعباء القيادة، و الشّهادة الرّبانية على البشرية بصورة مباشرة كجزء من تخطيط إلهي محكم، يستهدف إخضاع البشرية إلى إختبار دقيق، هو الأخير في سلسلة الامتحانات، و الابتلاءات الإلهية، لتربية البشرية و اعدادها فكريا و سلوكيا لمرحلة المستقبل. و هذا الابتلاء الجديد هو مصداق قوله تعالى: أَ حَسِبَ اَلنََّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنََّا وَ هُمْ لاََ يُفْتَنُونَ[3] بالإضافة إلى هذا كلّه، زاد الإمام عليه السّلام في الإيهام-متعمدا-فأشهد لفيفا من كبّار رجالات الدّولة يومذاك على الوصية كما يقول الشّيخ المفيد [4] . و هذا التّصرف ليس بغريب على الإمام و ذلك أسوة بجده الإمام جعفر بن محمّد الصّادق عليه السّلام الّذي جعل له خمسة أوصياء بعد وفاته، و من ضمنهم الخليفة العبّاسي المنصور، و الرّبيع، و قاضي المدينة، بالإضافة