كما يناسب ذلك ما يأتي من جندب بن عبد الله الأزدي عن موقف أهل الكوفة في أعقاب الشورى من حديثه في بيان مقام أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) وفضله [1] .
وكذلك قول معاوية بن أبي سفيان لعمار بن ياسر لما بدأ الإنكار من المسلمين على عثمان في مجلس يضم جمعاً من الصحابة: "يا عمار إن بالشام مائة ألف فارس كل يأخذ العطاء مع مثلهم من أبنائهم وعبدانهم لا يعرفون علياً وقرابته، ولا عماراً ولا سابقته" [2] .
تقييم أمير المؤمنين (عليه السلام) للأوضاع
وقد أوضح أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) ذلك في حديث له قال فيه: "إن العرب كرهت أمر محمد (صلى الله عليه واله)، وحسدته على ما آتاه الله من فضله، واستطالت أيامه، حتى قذفت زوجته، ونفرت به ناقته، مع عظيم إحسانه إليه، وجسيم مننه عنده. وأجمعت مذ كان حياً على صرف الأمر عن أهل بيته.
ولولا أن قريشاً جعلت اسمه ذريعة إلى الرياسة، وسُلّماً إلى العز والإمرة، لما عبدت الله بعد موته يوماً واحد، ولارتدت في حافرته، وعاد قارحها جذع، وبازلها بكر.
ثم فتح الله عليها الفتوح، فأثرت بعد الفاقة، وتمولت بعد الجهد والمخمصة. فحسن في عيونها من الإسلام ما كان سمج، وثبت في قلوب كثير منها من الدين ما كان مضطرب، وقالت: لولا أنه حق لما كان كذ.