فضجّ الناس بالبكاء. وخشي يزيد من الفتنة، فاضطر إلى قطع خطبته بأن طلب من المؤذن أن يؤذن. فلما انتهى المؤذن إلى قوله: "أشهد أن محمداً رسول الله" التفت (عليه السلام) إلى يزيد، وقال: "يا يزيد، محمد هذا جدي أم جدك؟ فإن زعمت أنه جدك فقد كذبت، وإن قلت إنه جدي فلم قتلت عترته؟!" [1] .
فاجعة الطف أشد جرائم يزيد وقعاً في نفوس المسلمين
وبالرغم من أن يزيد كما قام في السنة الأولى من حكمه بفاجعة الطف، قام في السنة الثانية بواقعة الحرة الفظيعة، التي انتهكت فيها حرمة المدينة المنورة وحرمة أهلها على أبشع وجه، وبوحشية مسرفة، وقام في السنة الرابعة باستباحة حرم الله عز وجل ومكة المكرمة، ورمي المسجد الحرام والكعبة المعظمة بالمنجنيق. إلا أنه يبدو أن فاجعة الطف هي الأشد وقعاً في نفوس المسلمين.
فقد ورد عن الزبير بن بكار [2] وعن البيهقي صاحب التاريخ [3] أن عام قتل الحسين (عليه السلام) سمي عام الحزن. كما ذكر البكري أنهم كانوا يقولون: "ضحى بنو حرب بالدين يوم كربلاء، وضحى بنو مروان بالمروءة يوم العقر" [4] .
[4] معجم ما استعجم ج:3 ص:950 عند ذكر (العقر) . ومثله مع اختلاف يسير في تاريخ الإسلام ج:7 ص:8 في حوادث سنة اثنتين ومائة، ووفيات الأعيان ج:6 ص:308، ج:4 ص:109 وقد نسبه فيه إلى كثير، وكذا نسبه في الوافي بالوفيات ج:24 ص:248.