قال: فصاح اليهوديّ و أقبل يقول: أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله، و أشهد يا عليّ أنّك وصيّ محمّد، و أنّه ينبغي لك أن تفوق و لا تفاق، و أن تعظّم و لا تستضعف، و أن تقدّم و لا يتقدم عليك، و أن تطاع فلا تعصى، و أنّك لأحقّ بهذا المجالس من غيرك؛ و أمّا أنت يا عمر فلا صلّيت خلفك أبدا.
فقال له علي (عليه السلام): كفّ يا هارونيّ من صوتك.
ثمّ أخرج الهارونيّ من كمّه كتابا مكتوبا بالعبرانيّة فأعطاه عليّا (عليه السلام)، فنظر فيه عليّ (عليه السلام) فبكى، فقال له الهارونيّ: ما يبكيك؟ فقال له عليّ: يا هاروني هذا فيه اسمي مكتوبا. فقال (له: يا عليّ اقرأ اسمك في أي موضع هو مكتوب) [1] فإنّه كتاب بالعبرانية و أنت رجل عربي.
فقال له علي (عليه السلام): ويحك يا هارونيّ! هذا اسمي، أمّا [2] في التوراة اسمي هابيل، و في الإنجيل حيدار [3].
فقال له اليهودي: صدقت و الذي لا إله إلّا هو، إنّه لخطّ أبي هارون و إملاء موسى بن عمران (عليهما السلام) توارثته [4] الآباء حتى صار إليّ.
قال: فأقبل عليّ (عليه السلام) يبكي و يقول: الحمد للّه الذي لم يجعلني عنده منسيّا، الحمد للّه الذي أثبتني في صحف الأبرار.
ثمّ أخذ عليّ (عليه السلام) بيد الرجل فمضى إلى منزله، فعلّمه معالم الخير و شرائع الإسلام. [5]