لذا كان لزاما التسليم لإمامة إمام بنص من اللّه، و بوحي منه لرسوله، لأنّه (صلّى اللّه عليه و آله) «ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى»[2].
و كان من الواجب التحرّز من مخالفة ذلك و تعدّيه إلى غيره لأنّه- و العياذ باللّه- يوجب سخط اللّه و غضبه.
قال سبحانه: «وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ»[3].
و قال: «وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا»[4].
و لعل أكبر فتنة حدثت و استمرّت و جلبت الويلات فور وفاة الرسول (صلّى اللّه عليه و آله) هي تغافل أو إنكار النصوص على الأئمّة الاثنى عشر، و تأويلها بتأويلات واهية، و الجدال في سندها و دلالتها جدالا عقيما منبعه مخالفة هدى اللّه و رسوله، و اتباع الهوى.
و في خضمّ هذه الفتنة و رغم التعتيم الإعلامي الشديد كانت تصدر بين الفينة و الأخرى تصريحات من بعض رءوس منكري النصوص و مؤوّليها، بأنّه لو سلّم زمام قيادة الأمّة إلى الخليفة الذي نصبه اللّه و رسوله، لحملهم على المحجّة البيضاء، و السنّة المحمديّة السمحاء، و لكن ... و لا حول و لا قوة إلا باللّه العليّ العظيم.
و هذا الكتاب- الذي بين يديك أيّها القارئ الكريم- يتكفّل إثبات نصوص اللّه سبحانه و تعالى على الأئمّة و الخلفاء و الأوصياء من بعده. و إثبات نصوص الرسول و الأنبياء السابقين.
و إثبات ما بشّرت به الكتاب السماويّة المنزّلة عليهم. و ما فيها من صفة الأئمّة و أسمائهم و أحوالهم.
ثمّ إثبات نصوص رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) على أوصيائه (عليهم السلام).
تلكم النصوص التي اتّفقت كلّها على إمامة- تراجمة الوحي- اثني عشر إماما معصوما، أوّلهم عليّ و آخرهم المهديّ (عجّل اللّه فرجه الشريف).
[1]- راجع البحار: 23/ 1- 65 باب الاضطرار إلى الحجة، و أنّ الأرض لا تخلو من حجة؛ و باب اتصال الوصية، و ذكر الأوصياء من لدن آدم إلى آخر الدهر.