نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك، محمد جلد : 1 صفحه : 47
و كتاب: «الخصائص» و «أخبار قضاة بغداد» .
و ما أزعم أني اطلعت على جميع هذه المؤلفات، فقد ضاع أكثرها مع الأسف، و إنما اطلعت على مجازات الآثار النبوية، و هو كتاب ممتع، يمثل ثقافة الشريف أصدق تمثيل، و يدل على بصره باللغة و الادب و مذاهب البيان.
و لم تكن ثقافة الشريف مقصورة على الجوانب الجافية التي وقف عندها بعض الاعلام في ذلك الزمان، و إنما رق الشريف و ظرف، فمشى به ذوقه اللطيف إلى دراسة شعر ابن حجاج أظرف شعراء القرن الرابع و أبرعهم في وصف اللهو و المجون، و قد تخير الشريف طائفة من شعره سماها: (الحسن من شعر الحسين) و لعله بهذه التسمية كان صاحب الفضل على أبي العلاء الذي سمى كتابه عن المتنبي: (معجز أحمد) و كتابه عن البحتري: (عبث الوليد) و كتابه عن أبي تمام: (ذكرى حبيب) .
و لم تكن ثقافة الشريف موقوفة على ما وعت الكتب و المصنفات، و إنما امتد بصره فدرس الدنيا و خبر الناس، و ساقه إلى ذلك أسباب خطيرة ترجع في جملتها إلى اثنتين: الاول تطلعه إلى الخلافة و حرصه على الاتصال بأقطاب الزعماء في الحواضر الاسلامية، و الثاني تشوفه الى ما أجنّ الوجود من غرائب الصباحة، و عجائب الجمال، و سترون في الليالي المقبلات كيف كان الشريف يعيش موزّع القلب و العقل بين الحب و بين المجد، و كيف كان فريسة للدسائس في عالم المجد و عالم الوجدان.
فالشريف الرضي أيها السادة عاش شعره كله، كما يعبر الفرنسيون، و هو لم يصف أزمات الحياة كما يفعل اللاهون و العابثون، و إنما وصف حياة رآها بعينيه، و أحسها بقلبه، و ذاق من شهدها و صابها ما يذوق أحرار الرجال.
نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك، محمد جلد : 1 صفحه : 47