نام کتاب : شرح البداية في علم الدراية نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 95
فالعمل بمضمون الخبر الضّعيف قبل زمن الشيخ ، على وجه يجبر ضعفه ، ليس بمتحقّقٍ . ولمّا عمل الشيخ بمضمونه ، في كتبه الفقهيَّة ، جاء مَن بعده من الفقهاء واتّبعه منهم عليها الأكثر ؛ تقليداً له ، إلاّ مَن شذّ منهم . ولم يكن فيهم مَن يسبر الأحاديث ، وينقِّب على الأدلّة بنفسه سوى الشيخ المحقِّق ابن إدريس[1] ، وقد كان لا يجيز العمل بخبر الواحد مطلقاً.
فجاء المتأخّرون بعد ذلك ، ووجدوا الشيخ ومَن تبعه قد عملوا بمضمون ذلك الخبر الضّعيف ؛ لأمر ما رأوه في ذلك ، لعلّ الله تعالى يعذرهم فيه ؛ فحسبوا العلم به مشهوراً ، وجعلوا هذه الشّهرة جابرةً لضعفه . ولو تأمّل المنصف ، وحرَّر المنقِّب ، لوجد مرجع ذلك كلّه إلى الشيخ ، ومثل هذه الشّهرة ، لا تكفي في جبر الخبر الضّعيف.
ومن هنا ، يظهر الفرق بينه وبين ثبوت فتوى المخالفين بأخبار أصحابهم ؛ فإنَّهم كانوا منتشرين في أقطار الأرض من أوّل زمانهم ، ولم يزالوا في أزياد[2].
وممَّن اطّلع على أصل هذه القاعدة ـ التي بيَّنتُها وتحقَّقتًُها ـ من غير تقليدٍ: الشيخ الفاضل المحقِّق سديد الدّين محمود الحُمُّصي[3] ، والسيّد رضيّ الدّين ابن طاووس[4] ، وجماعة.
قالَ السيّد (رحمه الله) في كتابه (البهجة لثمرة المهجة): (أخبرني جدّي الصالح ، ورّام بن أبي فراس (قدّس الله سرّه)[5] ، أنَّ الحُمُّصي حدَّثه: أنَّه لم يبق للإماميّة مفتٍ على التّحقيق ، بل كلّهم حاكٍ.
[1] صاحب كتاب: (السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي) ، ... . ينظر: روضات الجنَّات: 6/ 274 ـ 290.
[2] أي: العلم بمذاهب المخالفين وفتاويهم مستفادٌ من أصحابهم ، وحيثُ لم يكونوا ثقة عندنا ، كان إخبارُهم بمذاهبهم من باب الأخبار الضعيفة ، لكن اعتبرها أصحابنا ، وحكموا بأنَّ هذا القول لأبي حنيفة ، وهذا للشافعي ، وغيرهما ، استناداً إلى الشهرة التي انجبر الضعيف بها . وليس تلك الشّهرة كالشهرة التي ادّعاها أصحابنا في بعض الأخبار ؛ لِمَا عرفت أصلها . خطِّـيَّة الدكتور محفوظ ، ص20.
[3] علاّمةُ زمانه في الأُصولَين ، ورع ثقة ، ... . ينظر: روضات الجنَّات: 7/ 158 ـ 164.
[4] السيّد الشريف: رضيّ الدين أبو القاسم علي ، بن سعد الدين أبي إبراهيم موسى ، بن جعفر ، بن محمد ، بن أحمد ، بن محمد ، بن أحمد ، بن أبي عبد الله محمد ، بن الطاووس ؛ ينتهي نسبه الشريف إلى الحسن المثنّى ... . ينظر: البحار: 1/ 143 ـ 146.
وكذلك له ترجمةٌ ضافيةٌ في مقدِّمة: كشف المحجّة لثمرة المهجة ، المطبوع في النجف الأشرف ، بقلم البحّاثة الكبير آغا بزرگ الطهراني.
[5] من أولاد مالك الأشتر النخعيّ ، عالم فقيه ، ... . ينظر: روضات الجنَّات: 8/ 177 ـ 179.
نام کتاب : شرح البداية في علم الدراية نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 95