الثاني، و لكن الاعتبارين ممّا لم يترتّب على الفرق بينهما ثمرة في الفروع.
و قد ظهر ممّا بيّناه وقوع خلاف من هذه الجهة بين أصحاب القول بالملكة، و مرجع هذا الخلاف إلى كون الملكة جنسا في مفهوم العدالة أو فصلا فيه، و الفرق بينهما اعتباري، مع اشتراكهما في إفادة مدخلية كلّ من الملكة و الاجتناب و عدم الإصرار، اللازمين منها في العدالة المعتبرة في الشريعة.
و ثانيها: أنّها الإسلام
، بمعنى الإيمان و عدم ظهور الفسق، نسب القول به إلى جماعة من القدماء، كابن الجنيد و المفيد في كتاب الإشراف و الشيخ في الخلاف.
فقال الأوّل- على ما عن المختلف-: كلّ المسلمين على العدالة إلى أن يظهر منه ما يزيلها [1].
و قال الثاني- على ما نقل-: أنّه يكفي في قبول الشهادة ظاهر الإسلام مع عدم ظهور ما يقدح في العدالة [2].
و قال الثالث- على ما حكي-: إن شهد شاهدان يعرف إسلامهما و لا يعرف فيهما قدح حكم بشهادتهما- إلى أن قال-: دليلنا إجماع الفرقة و أخبارهم [3] و نسب ذلك إلى ظاهره أيضا في الاستبصار [4] في كتاب الشهادات، و يظهر اختياره من الصدوق في الهداية حيث قال: المسلمون كلّهم عدول تقبل شهادتهم [5].
و في كون ذلك قولا في معنى العدالة مقابلا للقول بكونها الملكة الرادعة عن ارتكاب الكبائر و الإصرار على الصغائر، نظر بل منع واضح، لأنّ ظاهر هؤلاء ادعاء كون الأصل في المسلم ما لم يظهر منه ما يوجب الفسق هو العدالة، و مرجعه إلى أنّ الإسلام أمارة على العدالة إلى أن يظهر منه ما يقدح فيها من موجبات