و من أنّ مقتضى كلام المسالك ليس ما ذكره القائل- ما ذكره ابن مفلح [1] في شرح عبارة الشرائع المتقدّمة.
قال: «إذا أقرّ المريض أنّه طلّق زوجته في حال الصحّة ثلاثا قبل منه؛ لأنّه إقرار بما له أن يفعل فهل يكون مقبولا، و هل ترثه؟ لأنّ إقراره إنّما يقبل بالنسبة إليه بمعنى تحريمها عليه حتّى تنكح زوجا غيره، و لا يقبل بالنسبة إليها بمعنى أنّها ترثه إن مات في ذلك المرض ما لم تصدّقه؛ لأنّ إقرار الغير على غيره غير جائز».
قال: «و لو كان الإقرار في حال الصحّة بانت منه قطعا». انتهى.
فإنّ المراد بقوله: «بما له أن يفعل» أنّ الزوج كان له أن يفعل في زمان صحّة إيقاع الطلاق، و الحين يقرّ بما كان له أن يفعل، و لكن إقراره بذلك لمّا كان مشتملا على الإقرار على الزوجة بعدم التوريث، فلا يسمع من هذه الجهة لا غير.
و أمّا قوله: «بانت منه قطعا» فوجهه أنّه لمّا كان غالب حال الإنسان أنّه إذا أقرّ بشيء في حال تمكّنه من ذلك الشيء لا يزاحمه الخصم و يوافقه؛ لعدم الفائدة في الإنكار، مثلا- إذا قال الزوج في العدّة: «أنا راجعتك بالأمس» فإن أنكرت الزوجة، فيقول الزوج: «راجعتك الآن» على سبيل الإنشاء.
و هكذا إذا قال: «طلّقتك أمس» مع تمكّنه من الطلاق حين الإقرار أيضا.
فمعنى قوله: «بانت منه قطعا» أنّه لا ترثه المرأة؛ لأنّه لا نزاع لها في أصل الطلاق حينئذ، و ما يتصوّر فيه النزاع كونه في الصحّة أو المرض، فإذا كان الإقرار في حال الصحّة، فلا يبقى إشكال في عدم الإرث.
و بعد تسليم الطلاق، فلا يمكن الاستدلال بهذه العبارة، على أنّه لا يمكن للمرأة إنكار الطلاق أيضا، و أنّ محض قول الرجل كاف في ذلك؛ و هذا واضح لا يخفى.
[1]. في الأصل كذا، و لعلة تصحيف الشيخ مفلح، و هو الفاضل العلّامة الشيخ مفلح بن الحسن الصيمري، من صيمر البصرة، انتقل إلى البحرين و سكن سلماباد، و هو من تلاميذ أحمد بن فهد الحلّي، و اسم كتابه غاية المرام في شرح شرائع الإسلام، انظر أنوار البدرين في علماء البحرين: 74، 75، و الذريعة 13: 329.