و أمّا لو أخبر عن ذلك بقوله: «إنّي طلّقتها في العام السابق»: فلا نسلّم دلالته إلّا على سقوط سلطنته عنها؛ إذ ليس معنى هذا الكلام بالدلالة الأصلية المقصودة بالذات إلّا ذلك؛ لأنّ معنى الطلاق و ماهيته إنّما هو إسقاط السلطنة عليها، و دلالتها على سقوط حقّها عنه من باب الدلالة التبعية بدلالة الإشارة، فلا يدلّ هذا اللفظ على الإقرار على الغير بالدلالة الأصلية.
و أمّا ما ذكرت من كون الإقرار بحريّة عبد الغير إقرارا على النفس: فهو إنما يسمّى إقرارا على النفس باعتبار زمان تملّكه للعبد بعد ذلك، و صيرورة أمره إليه في الزمان المتأخّر عن صدور هذا اللفظ عنه.
و ما أشبه ذلك بأحكام الصبي الجارية عليه بعد البلوغ باعتبار الأسباب الحاصلة قبله، كوجوب الوضوء للحدث السابق على البلوغ.
و لمّا كانت حقيقة الإقرار على النفس هي الإخبار عن ثبوت حقّ الغير عليه، أو سقوط حقّ له على الغير، و كان معنى الطلاق و ماهيته الأصلية هو إزالة قيد النكاح و قطع سلطنته على الزوجة الثابتة بالنكاح، و كان أمره إليه بعد وقوع النكاح، فكان الإخبار بوقوعه إذا صدر عن الزوج إقرارا، و عن الزوجة ادّعاء، و لا تلاحظ التوابع و اللوازم الخارجة عن الماهية.
فالطلاق و الإخبار به كالعتق و الإخبار به، و لذا كانا معا من الإيقاعات و أمرهما إلى واحد، و مقتضى الأوّل فكّ ملكيّة البضع، و الثاني فكّ ملكيّة الرقبة، و لا تلاحظ الحقوق الثابتة مع بقاء الملكيّة على الزوج و المولى حتّى يصير الإقرار بزوالها إقرارا على الغير.
و أمّا ما ذكرت أخيرا من مدخليّة الحبّ و الكراهة في التسمية بالإقرار و الدعوى:
فلا دخل لهما في حقيقتهما، و لذا لم يؤخذ في أحدهما.
قلت: و لا يجدي ما ذكرته في بيان ما رمته، و لا يضرّنا أصلا؛ إذ غاية ذلك أنّ