تتحقّق المعاوضة، و لا حاجة إلى أن يجعل الآخر أيضا ماله معوّضا و مال الآخر عوضا، كما يكون في لفظ البيع أيضا كذلك.
فلو أراد صاحب الفرس بيع فرسه ببغل صاحبه، فيجعل الفرس مبيعا و البغل ثمنا، و به يتمّ البيع بعد قبول المشتري، و لا حاجة إلى جعل صاحب البغل بغله مبيعا و الفرس ثمنا ليتحقّق مفهوم المبايعة، بل لا يصحّ ذلك؛ إذ بعد ما جعل أحدهما ماله معوّضا و مال الآخر عوضا:
فإمّا أن يقبل الآخر ذلك ثمّ يجعل ماله معوّضا و مال الأوّل عوضا، فحينئذ قد صار ملك الثاني عوضا استحقّه الأوّل، فكيف يجوز له أن يجعل مال الغير معوّضا.
و إمّا أن لا يقبل بقبول مستقلّ، بل يجعل هو أيضا تعويضه لماله بمال الأوّل نائبا عن القبول، فهو أيضا باطل؛ لأنّ هذا لا يصير قبولا للعقد الأوّل ليتعاكس العوض و المعوّض، فيبقى العقدان خاليين عن القبول.
و ممّا يمكن أن يقال في بيان المغايرة: إنّه إذا فرض أنّ زيدا و عمرا يريدان معاوضة الفرس و البغل، و قال أحدهما للآخر: «تعاوضنا» بمعنى [1] جعلت مالي و هو الفرس مبدلا عن مالك و هو البغل، على أن تجعل مالك بدلا عن مالي، و بالجملة نقلت فرسي إليك بعوض بغلك، و قال الآخر أيضا: «تعاوضنا» بهذا المعنى، فلا يبقى العقد خاليا عن القبول. و ذلك كما ذكروا في عقد الشركة.
قال في التذكرة: «و الأظهر أن يكتفى في عقد الشركة بأن يقول كل منهما اشتركنا» [2].
و الظاهر أنّ مبدأ الاشتقاق هو الشركة بمعنى العقد، و هو إذن كلّ واحد منهما للآخر في التصرّف في المال المشترك بينهما بمعنى المخلوط.