ما كان غير مجرّب لك في العلى # لتكون راعي الأمر دون النّاس
فبلاك عيب البأس يوم كريهة، # و رآك طود الحلم يوم مراس [1]
فلأنت قائم سيفها الذّرب الشّبا # مجدا و وابل نوئها الرّجّاس [2]
من معشر وسموا الزّمان مناقبا # تبقى بقاء الوحي في الأطراس
مترادفين على المكارم و العلى، # متسابقين إلى النّدى و الباس
خطموا أنوف الخالعين و ذلّلوا # أمما من الأعداء بعد شماس [3]
طلعوا على مروان يوم لقائه # من كلّ أروع بالقنا دعّاس [4]
سدّوا النّجاء عليه دون جمامه # بقراع لا عزل و لا نكّاس
بالزّاب و الآمال واقفة الخطى # بين الرّجاء لنيلها، و الياس [5]
حتّى رأى الجعديّ ذلّ قياده # ليد المنون تمدّ بالأمراس
و هوت به أيد أناملها القنا، # مهوى كليب عن يدي جسّاس
ضربوه في بطن الصّعيد بنومة # أبد الزّمان و لات حين نعاس
و تسلّموها غضّة، فمضى بها # الأبرار ناشزة عن الأرجاس [6]
فالآن قرّ العزّ في سكناته، # ثلج الضّمائر بارد الأنفاس
وقفت أخامص طالبيه، و رفّهت # أيد نفضن معاقد الأجلاس [7]
[1] أي أنك تظهر البأس و الشجاعة في الشدّة، و الحلم و التعقل في الصعوبات.
[2] الذرب: الحديد، القاسي-الشبا: الحد-الرّجّاس: الرعّاد.
[3] خطموا: قطعوا-بعد شماس: بعد عناد.
[4] مروان: هو مروان بن محمد آخر خليفة أموي.
[5] الزاب: نو نهر الزاب الذي جرت قربه المعركة الفاصلة بين العباسيين و الأمويين.
[6] تسلموها: الضمير عائد الى الخلافة.
[7] الأجلاس، جمع جلس: الصخرة الضخمة و كل مرتفع من الأرض، و الجلس هو الجمل الوثيق و المعنى الأخير هو المقصود.
غ