أبياض رأس و اسوداد مطالب؟ # صبرا على حكم الزّمان الجائر
إن أصفحت عنه الخدود، فطالما # عطفت له بلواحظ و نواظر
و لقد يكون و ما له من عاذل، # فاليوم عاد و ما له من عاذر
كان السّواد سواد عين حبيبه، # فغدا البياض بياض طرف النّاظر
لو لم يكن في الشّيب إلاّ أنّه # عذر الملول و حجّة للهاجر
سالم تصاريف الزّمان، فمن يرم # حرب الزّمان يعد قليل النّاصر
من كان يشكو من رشاش خطوبه # فلقد سقاني بالذّنوب الوافر [1]
أبلغ ظباء الحيّ أنّ فؤاده # قطع العلاقة، و ارعوى للزّاجر
أوردنني فعلمت أنّ مواردي، # لو لا النّهى، لم أدر أين مصادري
فالتّ لبّا من علائق صبوة، # و نشطت قلبا من جوى متخامر [2]
أنا من علمتنّ، الغداة، نقيّة # أزري، و ضامنة العفاف مآزري
فاعرفن كيف شمائلي و ضرائبي، # و انظرن كيف مناقبي و مآثري
كمعاقد الجبل الأشمّ معاقدي، # و مجاور البيت الحرام مجاوري
لم يشتمل قلبي الرّجاء و لم يكن # طرفي جنيبة كلّ برق نائر
و أبيت أن ترد المطالب همّتي، # أو أن يسفّ إلى المطامع طائري [3]
أسعى على أثر النّوائب منصفا # منها، و آسي كلّ عرق ناغر
قل للأعادي جنّبوا عن ساحلي، # لا يغرقنّكم التطام زواخري
لو لا خمولكم لقد قلّدتم # عارا بنظم غرائبي و سوائري
أخزيتم ذا كبرة و تكاوس، # و فضلتم ذا ودعة و قراقر [4]
[1] الذّنوب: الدلو.
[2] فالتّ: فاجأت، صادفت-جوى متخامر: حب معذب مخبّأ.
[3] يسف: يدنو.
[4] الكبرة: الشرف، الرفعة-التكاوس: تراكم اللحم، كثرة العشب و التفافه، كثرة الخير-الودعة، من الودع: أصداف بحرية تنظم في سلك و تعلّق-