تغمّض عن وجوههم الدّراري، # و تسحب فيهم غرر البدور
علت أصواتهم صوتي، و لكن # صهيل الخيل يطرق للهرير [1]
مضوا إلاّ بقايا سوف تمضي، # و شرّ القوم شذّ عن القبور
و ما زالت جمام الماء تفنى، # و تختم مدّة الثّمد الجرور [2]
و نكس شاطرته من اللّيالي # يد عن شيمتي كرم و خير
فأصبح لا يرى للمال عتقا، # و تملك كفّه رقّ البدور [3]
تخيّل ضوء درهمه الأماني # مضاجع هامة القمر المنير
صحبنا الدّهر، و الأيّام بيض، # و نحن نواضر سود الشّعور
فلمّا اسودّت الدّنيا برزنا # لها بيض الذّوائب بالقتير [4]
تميل على مناكبنا اللّيالي، # بألوان الغدائر و الضّفور
و نرسب في مصائبها، و نطفو # لغير بني أبينا بالسّرور
إذا لحظت عزائمنا التقينا # إلى مقل من الأيّام حور
ترينا في جباه الأسد ذلاّ، # و في حدق الأراقم كالفتور [5]
أقول لناقتي، و اليوم يملا # إناء البيد من ماء الحرور [6]
و قد سحبت ذوائبها ذكاء # على قمم الجنادل و الصّخور [7]
نمرّ على الظّباء مكنّسات، # كما قطن العذارى في الخدور [8]
[1] يطرق: يصمت للإصغاء.
[2] جمام الماء: الماء الكثير-مدّة (بفتح الميم) ، من مده بالماء: ساعده فيه، زاده فيه-الثمد: الماء القليل.
[3] البدور، جمع بدرة: كيس فيه عشرة آلاف درهم.
[4] القتير: الشيب.
[5] الأراقم: الحيّات.
[6] ماء الحرور: المياه الحارّة، و الحرور: الرياح الساخنة.
[7] ذكاء: اسم علم للشمس.
[8] مكنسات: في الكناس، في المبيت.