و أملأ مقلتيّ من العوالي، # إذا امتلأت من العلق الغزير
و يعجبني أطيط الرّحل ترمي # أزمّته السّهول إلى الوعور [1]
و لا أرضى مصاحبة الهوينا، # إلى طرق المطالب و الشّقور [2]
و يصحبني ذؤالة مستريبا # بشخصي في الأماعز كالخفير [3]
لأنّي ما تحيّفني زمان، # فأحوجني الحسام إلى نصير
و لا اقتضت الهواجر لثم خدّي # فماطلها لثامي عن سفوري
و كنت، إذا توعّدني قبيل # و ربّى الطّعن في البيض الذّكور [4]
رميتهم بمحتبل الأعادي، # و قاطع حبوة الملك الخطير [5]
كأنّي لم أشقّ على اللّيالي # بحرب، أو خصام، أو مسير [6]
و لا أضحكت سيفي في جهاد # يمزّق عنه تعبيس الثّغور
عذيري من بلاد ليس تخلو، # سوائي، من مليك أو أمير [7]
تضنّ و قد ضننت، فما أراها # بعين المستعير، و لا المعير
إذا أدنيت رجلي من ثراها، # فزعت بها إلى قتد البعير
أرى ترك الصّلاة بها حلالا، # فما أمتاحها ماء الطّهور [8]
و كيف تتمّ في بلد صلاة، # و جلّ بقاعه قبل الفجور
ألاحظ في جوانبها رجالا، # فأعرف من أرى غير النّظير
[1] الأطيط: الأصوات التي تحدثها الابل في سيرها.
[2] الشقور: الأمور المهمة.
[3] ذؤالة: اسم علم للذئب-الأماعز، جمع أمعز: الأرض الصلبة و الكثيرة الحجارة-الخفير: الحارس.
[4] ربّى الطعن: هذّبه-البيض الذكور: السيوف القاطعة.
[5] المحتبل، من الأحبولة: المصيدة-الحبوة: ما يحتبى به أي يشتمل به.
[6] أشق: أوقع المشقة.
[7] العذير: النصير، المساعد.
[8] امتاح الماء: نزعه.