و حسبك كيدا يميت العدوّ # أن يطلب الذّلّ منك الفرارا
لئن جلتما في مكرّ الزّمان، # فبوّاكما من مداه العثارا
فما يقرع الجهل إلاّ الحليم، # و لا ينكث الخرق إلاّ الوقارا
تفرّق مالكما في العدى، # و شخصكما واحد لا يمارى
و لم ألق منفردا في الزّمان # يسائل عن إلفه: أين سارا
سأنتظر الدّهر ما دام لي # بوعد و أسأر عندي انتظارا [1]
لحى اللّه دهرا كثير العدوّ # حتّى الظّلام يعادي النّهارا
تصفّحت أوجه أبنائه، # فلم يجد اللّحظ فيهم قرارا
رأيت الصّباح يذمّ المسا # ء ذمّي، و يكره منه الجوارا
و يشحب فيه على أنّه # يبدّل في كلّ يوم صدارا [2]
فكونوا كما أنا في النائبات # آبى مع القدح إلاّ استعارا
فما غرّني جوده بالثّراء، # و ما زادني منه إلاّ نفارا
صهوات الدهر
(الوافر)
أما ذعرت بنا بقر الخدور، # و غزلان المنازل و القصور [3]
عشيّة ما التفتن على رقيب، # و لا استحيين من نظر الغيور
أما و اللّه لو أطلقت شوقي # لفاض على التّرائب و النّحور [4]
أ كنت معنّفي لمّا التقينا # على وطر من الدّمن الدّثور
[1] أسأر: أبقى.
[2] الصدار: قميص يغطي الصدر من دون كمين.
[3] بقر الخدور: النساء.
[4] الترائب، جمع تريبة: عظمة في أعلى الصدر.