من الظّلم أن نتعاطى الخمارا، # و قد سلبتنا الهموم العقارا [1]
و فينا شآبيب صرف الزّمان، # تروى مرارا و تظمأ مرارا [2]
تخيّرني عفّتي و الغنى، # و من لي أنّي ملكت الخيارا
و لو أنّ لي رغبة في النّوا # ل أجممته، و اجتديت البحارا [3]
و هوّن صولته أنّني # أرى العيش ثوب بلى مستعارا
فما أركب الخطب إلاّ جليلا، # و لا أجذب الأمر إلاّ اقتسارا
و كنت، إذا ما استطال العدوّ # نثلت عليه القنا و الشّفارا
و كم لي إلى الدّهر من حاجة # أبلّ بها ذابلا أو غرارا [4]
تجرّ إليها ذيول المنى، # و يخلع فيها الزّمان العذارا
و يوم تخرّقت فيه السّيوف، # و خضت إليه الدّماء الغزارا
أثرت العجاج عليه دخانا، # و أضرمت من مائر الطّعن نارا [5]
و عانقت من بيضه في النّجيع # شقيقا، و من سمره جلنارا
و ليلة خوف شعار الفتى # يصافح بالسّمع فيها السّرارا
أبحنا حماها أكفّ المطيّ، # حتّى انتهبنا الرّبى و الجرارا [6]
و أرض مقنّعة بالهجيـ # ر تنضو من الآل عنها خمارا [7]
هجمت على جوّها بالرّماح # تبني من الطّلّ فيها منارا
فما أرتعت من شعبات الحمام، # و لا خفت فيه لأمر خطارا [8]
[1] الخمار: صداع الخمر-العقار: الخمر.
[2] شآبيب، جمع شؤبوب: دفعة المطر، استعارها لنكبات الزمن.
[3] أجممته: جمعته، من أجمّ الماء: تركه يجتمع-اجتديت: طلبت.
[4] الذابل و الغرار: الرمح و السيف.
[5] مائر الطعن: ما يسيله الطعن من دماء.
[6] الجرار: الوهاد، جمع جر.
[7] تنضو من الآل عنها خمارا: تخلع من السراب عليها سترا.
[8] شعبات الحمام: مزالقه-الخطار: الخطر.