وقف على العبرات
(الكامل)
في هذه القصيدة يمدح أباه و قد توجه من فارس بصحبة شرف الدولة سنة 375.
وقف على العبرات هذا النّاظر، # و كفاه سقما أنّه بك ساهر
ردّي عليه ما نضا من لحظه، # خدّاك و الغصن الوريق النّاضر [1]
فلأنت آمن أن يلومك عاذل # في فرط حبّ، أو يغرّك عاذر
هذا الفراق، و أنت أعلم بالهوى، # فارعي، فأيّام المحبّ غوادر
و أنا الفداء لمن أباح حمى الهوى # فغدت تطاه مناسم، و حوافر
حوشيت أن ألقاك سارق لحظة # تلد الوفاء، و أمّ عهدك عاقر
و أبى الهوى ما كدت أسلو في الكرى # إلاّ ارتقى طرفي الخيال الزّائر
اليوم جار البين في أحكامه، # فكأنّ أسباب الوفاء جرائر [2]
هذي الدّيار لها بمنعرج اللّوى، # قفرا، تجنّبها الغمام الباكر
أرض أقول بها لسانحة المها: # أنا، إن عثرن، لعا و قلبي العاثر
قالت و قد غمرت دموعي و جنتي: # للّه ما فعل المحلّ الدّاثر
أغضيت عن وجه الحبيب تكرّما، # و أريته أنّ الجفون كواسر
هب لي و حسبي نظرة أرنو بها، # فمقرّها وجه الحسين الزّاهر
فلثمّ أبلج إن أهلّ جبينه # جمحت إليه خواطر، و نواظر
قرب الغمام فعن قريب ينثني # فيبلّ مربعك العريض الماطر
إن حلّ بيد فالخلاء محافل، # أو قاد خيلا فالسّروج منابر
يا ابن الأكابر لا أقمت بمشهد، # إلاّ و ذكرك في المكارم سائر
[1] نضا: نزع، أخذ.
[2] جرائر، جمع جريرة: ذنب، إثم جريمة. أي أن البعد كان ظالما في حكمه، كما لو أن الوفاء في الحب ذنب يحاسب عليه صاحبه.
غ