هم يوم النّدى غيم جهام، # و في اللأواء ريح جربياء [1]
قرى لا يستجير به خميص، # و نار لا يحسّ بها الصّلاء [2]
و ضيف لا يخاطبه أديب، # و جار لا يلذّ له الثّواء [3]
هوى بدر التّمام، و كلّ بدر # ستقذفه إلى الأرض السّماء
و علمي أنّه يزداد نورا، # و يجذبه عن الظّلم الضّياء
أمرّ بداره فأطيل شوقا، # و يمنعني من النّظر البكاء
تعرّض لي فتنكرها لحاظي، # معطّلة كما نقض الخباء
كأنّي قائف طلب المطايا # على جدد تبعثره الظّباء [4]
ديار ينبت الإحسان فيها، # و نبت الأرض تنوم و آء [5]
و قد كان الزّمان يروق فيها، # و يشرب حسنها الحدق الظّماء
و دار لا يلذّ بها مقيم؛ # و لا يغشى لساكنها فناء
تخيّب في جوانبها المساعي، # و ينقص في مواطنها الإباء
و ما حبستك منقصة، و لكن # كريم الزّاد يحرزه الوعاء
فلا تحزن على الأيّام فينا، # إذا غدرت، و شيمتنا الوفاء
فإنّ السّيف يحبسه نجاد، # و يطلقه على القمم المضاء
لئن قطع اللّقاء غرام دهر، # لما انقطع التّودّد و الإخاء
و ما بعث الزّمان عليك إلاّ # وفور العرض و النّفس العصاء
ق-و يكون قصير اليدين طويل الرجلين-النافقاء: جحر اليربوع يخفيه و يظهر غيره و هو القاصعاء.
[1] الندى: العطاء، الكرم-الجهام: السحاب لا ماء فيه-اللأواء: الشدّة -الجربياء: الريح الشمالية الباردة.
[2] قرى: ضيافة-الخميص: الضامر البطن من الجوع-الصلاء: الدفء، طالب الدفء.
[3] الثواء: الإقامة.
[4] القائف: الذي يتقفى الآثار و يعرفها-الجدد: الأرض الصلبة و المغبرة.
[5] التنّوم و الآء: نوعان من الشجر.