و مؤمّر نزلوا به في سوقة، # لا شكله فيهم و لا قرناؤه [1]
قد كان يفرق ظلّه أقرانه، # و يغضّ دون جلاله أكفاؤه [2]
و محجّب ضربت عليه مهابة، # يغشي العيون بهاؤه و ضياؤه
نادته من خلف الحجاب منيّة # أمم، فكان جوابها حوباؤه [3]
شقّت إليه سيوفه و رماحه، # و أميط عنه عبيده و إماؤه
لم يغنه من كان ودّ لو انّه # قبل المنون من المنون فداؤه
حرم عليه الذّلّ، إلاّ أنّه # أبدا ليشهد بالجلال بناؤه
متخشّع بعد الأنيس جنابه؛ # متضائل بعد القطين فناؤه [4]
عريان تطرد كلّ ريح تربه، # و تطيع أوّل أمرها حصباؤه
و لقد مررت ببرزخ، فسألته: # أين الأولى ضمّتهم أرجاؤه [5]
مثل المطيّ بواركا أجداثه، # تسفى على جنباتها بوغاؤه [6]
ناديته، فخفي عليّ جوابه # بالقول إلاّ ما زقت أصداؤه [7]
من ناظر مطروفة ألحاظه، # أو خاطر مطلولة سوداؤه [8]
[1] المؤمّر: المملّك-نزلوا به: حملوه-في سوقة: في جماعة. أي:
و رب مملّك حمل بين جماعة يختلف عنهم شكلا و لا يقارن بهم.
[2] يفرق: يفزع، يخاف-ظلا: نصب على نزع الخافض. يلاحظ من تعداد مناقب الفقيد أن القصيدة قيلت في رثاء من كان سيد القوم و ملكهم.
[3] أمم: قريب-حوباؤه: نفسه.
[4] الجناب: الفناء-القطين: أهل الدار، القاطنون.
[5] البرزخ: الحاجز بين الشيئين، و المراد به هنا المقبرة لأنها حجزت بين الدنيا و الآخرة-الأرجاء: الأنحاء.
[6] تسفى: تذروها الريح-البوغاء: التربة الرخوة.
[7] زقت: صاحت-أصداؤه، جمع صدى: ذكر البوم. و في القول إشارة الى اعتقاد الجاهليين بأن روح القتيل تخرج من رأسه و تحوم حول قبره و تصيح بصوت هو صوت الصدى.
[8] مطروفة: مكسورة-مطلولة: مهدورة-سوداؤه: حبّة قلبه.