صقلت نصول خدودهم بيد الصّبا، # مرد العوارض في زمان أمرد
تستنبط الألحاظ ماء وجوههم، # فيكاد ينقع من غضارتها الصّدي [1]
لا تنفر الحسناء من مسّي، و لا # تثنى إذا مدّت إلى أرب يدي
و بياض ما بيني و بين أحبّتي، # يوم اللّقاء، من الغراب الأسود
فالآن إذ قرع النّوائب مروتي، # و ألنّ معجم عودي المتشدّد [2]
و قصرن خطوي عن مراهنة الصّبا، # فخطوت للّذّات خطو مقيّد [3]
ألبسنني برد الوقار ضرورة، # و أرينني جدد الطّريق الأقصد [4]
فاليوم أسلس في القياد، و طالما # منعت فضول عزامتي من مقودي [5]
ما لي أذلّ، و صارمي لم ينثلم # بطلى العدى و قناي لم يتقصّد [6]
قد طال في ثوب الهموم تزمّلي، # فلآخذنّ لنهضتي من مقعدي
و لأظعننّ دجى الظّلام بجسرة # هوجاء تسأل موردا عن مورد [7]
في غلمة هدموا ذرى عبدية # أنضاء خمس للنّجاء عمرّد [8]
تصل الدّءوب كأنّ طالي أنيق # نضح الذّفارى بالكحيل المعقد [9]
مشق الهجير لحومها، و تناضلت # أخفافها بالأمعز المتوقّد [10]
[1] ينقع: يروى-الغضارة: النعمة و طيب العيش-الصدي: العطشان.
[2] قرع النوائب مروتي: أي انزل به الدهر البلاء-معجم، من عجم العود:
تفحّص صلابته.
[3] المراهنة: المسابقة.
[4] الجدد: الأرض الغليظة-الأقصد: الأشد استقامة.
[5] من مقودي: من انقيادي.
[6] الطلى: الأعناق-لم يتقصّد: لم يتكسّر.
[7] الجسرة: الناقة القوية-الهوجاء: المسرعة.
[8] عبدية: صفة للنياق-العمرّد: الطويل.
[9] الدءوب: الجاد المجتهد-الذفارى، جمع ذفرى: الموضع الذي يعرق من البعير-الكحيل: القطران.
[10] الهجير: شدّة الحر-الأمعز: الأرض الصلبة.