بالأهلّة نهتدي
(الكامل)
هل ريع قلبك للخليط المنجد، # بلوى البراق تزايلوا عن موعدي [1]
قالوا: غدا يوم النّوى، فتسلّفوا # عضّا لأطراف البنان على غد
رفعوا القباب، و بينهنّ لبانة # لم تقضها عدة الغزال الأغيد [2]
و غدوا غدوّ الرّوض ألبسه الحيا # نسجين بين مسرّد و معضّد
و وراهم قلب يشاق و مهجة # بردت ردى، و غليلها لم يبرد
لاثوا خدودهم على عين النّقا، # و دمى النّمارق و الغصون الميّد [3]
و أهلّة بتنا نضلّ بضوئها، # و لقد ترانا بالأهلّة نهتدي
فسقى ثرى تلك الغصون نباته # ما شاء من سبل الغمام المزبد
و لقد مررت على الدّيار، فعزّني # جلدي و كان أعزّ منه تجلّدي
لو لا مكاثرة الدّموع عشيّة، # لعرفت رسم المنزل المتأبّد [4]
لهفي لأيّام الشّباب على ندى # أطرافهنّ و ظلّهنّ الأبرد [5]
أيّام أنفض للمراح ذوائبي، # و أروح بين معذّل و مفنّد
و مرجّلين من الحمام غرانق، # مثل الغصون ثيابها الورق النّدي [6]
متملّيين من الشّباب كأنّهم # أقمار غاشية الظّلام الأربد [7]
[1] الخليط: القوم-تزايلوا: تنادوا للرحيل.
[2] لبانة: حاجة. و الغزال الأغيد كناية عن المرأة الجميلة و الطويلة العنق.
[3] لاثوا: أداروا-النمارق، جمع نمرقة: الوسادة الصغيرة.
[4] المتأبد: المقفر.
[5] الأبرد: المريح، الذي يبعث الارتياح.
[6] مرجّلين، من رجل الشعر: سرحه-الحمام، جمع حمة: السواد، و أراد به الشعر الأسود-الغرانق: الشبان البيض.
[7] الأربد: الأسود، الشديد الظلمة.