أضللت قلبي فيك عمدا و قد # تعيّن الثّأر على العامد
فهل لما أضللت من ناشد؛ # و هل لما ضيّعت من واجد
قلوبنا عندك معقودة # بطرف ذاك الشّادن العاقد [1]
أفلتنا، ثمّ ثنى طرفه، # تلفّت الظّبي إلى الصّائد
ما أنصف الفاسق في لحظه، # لمّا أرانا عفّة العابد
تعزّز الحبّ له ذلّة، # و ناقص الحبّ إلى زائد
و المرء محسود بلذّاته، # و الحبّ ملذوذ بلا حاسد
يا عذبة المبسم بلّي الجوى # بنهلة من ريقك الصّارد [2]
أرى غديرا شبما ماؤه، # فهل لذاك الماء من وارد [3]
من لي به من عسل ذائب # يجري خلال البرد الجامد
أنا ابن من ليس بجدّ له # من لم يكن بالماجد الجائد
و لم يكن في سلك آبائه # غير طويل الباع و السّاعد
قد حلب الدّهر أفاويقه، # و أتبع الشّارد بالطّارد [4]
لنا الجبال القود مرفوعة # تزلّ عنها قدم الصّاعد [5]
لنا الجياد القبّ أخّاذة # على العدى بالأمد الزّائد [6]
لنا القنا و البيض مطواعة # في الضّرب يعصين يد الغامد
لنا الأسود الغلب في غيلها # من ثائر بأسا و من لا بد
من أسد طال به عمره؛ # و من قريب العمر مستاسد
[1] الشادن: ولد الظبي الذي قوي و بلغ-العاقد: الذي ثنى عنقه. و قد كنى بالشادن عن الحبيب.
[2] الجوى: حرقة الحب-الصارد: البارد.
[3] شبما: باردا، و أراد بالغدير ثغر الحبيب.
[4] الأفاويق: اللبن يجتمع في الضرع بين الحلبتين.
[5] القود: الطويلة.
[6] القب: الضامرة-الأمد: الغضب.