تعاصي أنابيب الحلوم جلادة، # و تهفو يراعات العقول العوازب [1]
كظوما على مثل الجوائف أتعبت # نطاسيّها من قارف بعد جالب [2]
تحلّ الرّزايا بالرّجال و تنجلي، # و ربّ مصاب ينجلي عن مصائب
من اليوم يستدعي منازلك البكا، # إذا ما طوى الأبواب مرّ المواكب
و تضحك عنك الأرض أنسا و غبطة، # و تبكيك أخدان العلى و المناقب
سقاك الحيا إن كان يرضى لك الحيا # بغرّ الأعالي مظلمات الجوانب
تمدّ بأرداف ثقال و ترتمي # على عجرفيّات الصّبا و الجنايب [3]
كأنّ لواء يزدحمن وراءه، # إذا اختلج البرق ازدحام المقانب [4]
بودق كأخلاف العشار استفاضها # تداعي رغاء من مبسّ و حالب [5]
يقرّ بعيني أن تطيل مواقفا # عليك مجرّ المدجنات الهواضب [6]
و أن ترقم الأنواء تربك بعدها # بكلّ جديد النّور رقم الكواكب
ذكرتكم، و العين غير محيلة، # فأنبطت غدران الدّموع السّواكب [7]
و ما جالت الألحاظ إلاّ بقاطر؛ # و لا امتدّت الأنفاس إلاّ بحاصب
و هل نافعي ذكر الأخلاّء بعده، # جرى بيننا مور النّقا و السّباسب [8]
[1] العوازب: البعيدة.
[2] كظوما: ساكنا-الجوائف، جمع جائفة: الطعنة تبلغ الجوف- النطاسي: الطبيب-القارف: المنقشر من جلد الجرح-الجالب:
الجرح الذي تعلوه قشرة.
[3] العجرفيات: المسرعات-الصّبا و الجنايب: الرياح الشرقية و الجنوبية.
[4] المقانب: جماعة الخيل.
[5] الودق: المطر-المبس: السائق.
[6] المدجنات، من الدجن: المطر الكثير-الهواضب: الغيوم الماطرة.
[7] أنبطت: سكبت.
[8] المور: التراب تثيره الريح-النقا: القطعة من الرمل المحدودبة- السباسب، جمع سبسب: مفازة، أرض بعيدة مستوية.
غ