إذا ما جررت الرّمح لم يثنني أب # يليح، و لا أمّ تصيح ورائي [1]
و شيّعني قلب إذا ما أمرته # أطاع بعزم لا يروغ ورائي
أرى الناس يهوون الخلاص من الرّدى، # و تكملة المخلوق طول عناء
و يستقبحون القتل، و القتل راحة، # و أتعب ميت من يموت بداء
فلست ابن أمّ الخيل إن لم أعد بها # عوابس تأبى الضّيم مثل إبائي
و أرجعها مفجوعة بحجولها # إذا انتعلت من مأزق بدماء [2]
إلى حيّ من كان الإمام عدوّه # و صبّحه من أمره بقضاء
هو اللّيث لا مستنهض عن فريسة # و لا راجع عن فرصة لحياء
و لا عزمه في فعله بمذلّل، # و لا مشيه في فتكه بضراء [3]
هو النّابه النّيران في كلّ ظلمة # و مجري دماء الكوم كلّ مساء [4]
و معلي حنين القوس في كلّ غارة # بسهم نضال أو بسهم غلاء [5]
فخار لو انّ النّجم أعطي مثله # ترفّع أن يأوي أديم سماء
و وجه لو انّ البدر يحمل شبهه # أضاء اللّيالي من سنّى و سناء [6]
[1] يليح: يشير بثوبه، من ألاح.
[2] الحجول، جمع حجل: البياض في قائمة الفرس-المأزق: المضيق الذي يقتتلون به.
في هذا البيت، و الأبيات السابقة، يظهر الشاعر ما كابده من مشقات و ما اجتاز من عقبات، غير آبه بشيء، من أجل تحقيق هدفه و هو البلوغ الى الممدوح.
[3] الضّراء: التخفّي وراء الأشجار في أثناء السير.
[4] النابه النيران: الذي يضرم النار فيهتدي إليها الناس-الكوم، جمع كوماء:
الناقة الضخمة، و البيت كناية عن الكرم.
[5] الغلاء: البعيد المرمى.
[6] السنى: النور-السناء: الرفعة. يلاحظ جنوح الشاعر الى المبالغة، إذ يحرص على رفع الممدوح الى مرتبة المثال، و المبالغة غير غريبة عن الشعر العباسي بعامة.