إثبات الأمارة لجواز الإسناد:

يحرم إسناد ما لم يصدر من الشارع إليه؛ لأنّه كذب، و يحرم أيضاً إسناد ما لا يعلم صدوره منه إليه و إن كان صادراً في الواقع، و هذا يعني أنّ القطع بصدور الحكم من الشارع طريق لنفي موضوع الحرمة الاولى‌، فهو [من هذه الناحية] قطع طريقي. و موضوع لنفي الحرمة الثانية، فهو من هذه الناحية قطع موضوعي‌ [1].

[1] توضيح ذلك: أنّه قد مضى في الحلقة السابقة (تحت عنوان: القطع الطريقي و الموضوعي) أنّ من الممكن أن يكون القطع الواحد طريقيّاً بالنسبة إلى حكمٍ و موضوعيّاً بالنسبة إلى حكم آخر. و قد تحقّق مثل هذا في جواز إسناد الحكم إلى اللَّه- تبارك و تعالى- فإنّه لا يتمّ جواز إسناد الحكم- أيِّ حكمٍ- إلى اللَّه تعالى إلّا إذا انتفت عنه حرمتان: الاولى: حرمة الكذب، و الثانية حرمة الإفتاء بغير علم. و بما أنّ الحرمة الاولى منصبّة على عنوان الكذب، و إسناد الحكم إلى اللَّه تعالى إنّما يكون كذباً لو لم يكن ذلك الحكم صادراً منه في الواقع سواء علم به المكلّف أو لم يعلم، إذاً يكفي لانتفاء هذه الحرمة أن يكون الحكم صادراً منه في الواقع و ليس العلم بالصدور إلّا طريقاً للكشف عن ذلك. و أمّا الحرمة الثانية فهي غير منصبّة على إسناد ما لم يصدر منه في الواقع إليه بل إنّما هي منصبّة على الإفتاء بغير علم و هو يعني إسناد ما لا يعلم صدوره منه إليه تبارك و تعالى، إذاً فلا يكفي لانتفاء هذه الحرمة أن يكون الحكم صادراً منه في الواقع بل لا بدّ و أن يعلم المكلّف بصدور الحكم منه تبارك و تعالى حتّى تنتفي عنه هذه الحرمة. و بهذا يظهر أنّ القطع بصدور حكمٍ من الأحكام من قبل اللَّه تبارك و تعالى يكشف عن انتفاء موضوع الحرمة الاولى من دون أن يكون مأخوذاً فيه فهو قطع طريقي بالنسبة إلى نفي هذه الحرمة، و هو في نفس الوقت قطع موضوعيّ بالنسبة إلى نفي الحرمة الثانية لما قلنا من أنّ الحرمة الثانية لا تنتفي إلّا بالعلم بالصدور. و لا يخفى أنّ مصطلح (القطع الموضوعي) لا يختصّ بما إذا كان القطع دخيلًا في ثبوت الحكم بل يجري أيضاً فيما إذا كان القطع دخيلًا في نفي الحكم‌