و هنا وجهان لتوهم الاستحالة يختصان بما نحن فيه من أخذ العلم بالحكم مانعا عن الحكم، و لا يجريان فيما مضى من أخذه شرطا له:
الأول: ان الحكم انما يجعل ليكون محركا للوصول، و فيما نحن فيه خنق وصوله و محركيته في مهده لكون المفروض ان موضوعه هو عدم العلم به. و هذا الاشكال انما يتوهم فيما لو فرض مطلق العلم بالحكم مانعا عنه دون علم خاص به كخصوص العلم الحاصل من طريق العقل مثلا.
و الجواب: انه يكفي في محركية الحكم وصوله بغير طريق العلم كأن يصل بحجة تعبدية من خبر او غيره. نعم لو أخذ مطلق وصوله، و لو بغير العلم من سائر الحجج مانعا عنه جاء هذا الاشكال، و أما اخذ خصوص العلم به على الاطلاق مانعا فبمكان من الامكان و ان لم يقع في الخارج.
الثاني: انه لو اخذ عدم العلم عن طريق العقل مثلا موضوعا لحكم لزم عدم امكان وصول هذا الحكم الى هذا الشخص، و هو من علم بهذا الحكم عن طريق العقل، فيكون هذا الحكم محالا نظير استحالة جعل الحكم في حق المتجري بما هو متجر لاستحالة وصوله اليه.
و الجواب أولا: ان الحكم انما يشترط فيه قابلية الوصول الى من جعل في حقه و يكون موضوعا له، لا الى غيره، و من علم بالحكم عن طريق العقل ليس موضوعا له على الفرض، فانما جعل الحكم في حق غير هذا الشخص، و هو قابل للوصول الى من جعل في حقه، و هذا بخلاف الحكم المجعول على المتجري بعنوان التجري، فان موضوعه هو نفس المتجري المفروض عدم امكان وصوله اليه.
و ثانيا: انه مع أخذ العلم بشخص الحكم مانعا عن ذلك الحكم يستحيل تحقق المانع في الخارج كي يقال: ان هذا الحكم لا يقبل الوصول الى من تحقق هذا المانع في حقه، و يستشكل فيه بما عرفت، و ذلك لأن شخص هذا الحكم متقوم بعدم العلم به، فلا يعقل ان يجعل لأحد العلم بفعلية حكم في حقه متقوم بعدم