و هذا الكلام كما ترى، لا يرد عليه اشكال استحالة التنزيل، نعم يتوجه عليه سؤال و هو انه ما فائدة هذا الجعل و الاعتبار؟ فانه مع عدم ثبوت فائدة له يكون لغواً، فان ترتب عليه فائدة كما لو أعطى أحد للمولى ديناراً ليجعل الظن علما لم يكن لغواً، و إلا فهو لغو، و هو (قده) يقول: إن فائدته أن يرتفع بذلك موضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان، اذ موضوعه ما يعم البيان الحقيقي و البيان الاعتباري، فالشارع اوجد فرداً من افراد الموضوع (2).
الثاني: ما ذكره المحقق الاصفهاني (قده) من منع كون موضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان ما يعم البيان الحقيقي و الاعتباري، سواء قلنا بأن استحقاق العقاب المترتب على البيان و عدمه المترتب على عدمه حكم عقلي، ام قلنا بأنه حكم عقلائي (3).
أما على الأول فلأن الأمر الواقعي لا يعقل تقومه بالاعتبار.
و أما على الثاني فلأن الحكم العقلائي لا يكون بنحو القضية الحقيقية كأحكام الشارع مجعولة على موضوع كلي يعم الافراد الخارجية و الافراد التقديرية حتى يقال: ان هذا حكم جعل على مطلق البيان، و ندعي ان الشارع أوجد فرداً لهذا الموضوع، و انما حكم العقلاء عبارة عن عملهم الخارجي في الموارد الجزئية كالعقاب في مورد ثبت البيان، و عدم العقاب في مورد آخر لم يثبت البيان، و العقلاء ليسوا مشرعين.
و فيه: إنا نختار الشق الأول، و هو كون استحقاق العقاب و عدمه حكما عقلياً، كما هو الصحيح، و هو المشهور بين الاصوليين، و المختار للمحقق النائيني (قده)، فلا يلزم من ذلك كون قوام الأمر الواقعي بالامر الاعتباري بمعنى