مجاز، فيتميَّز بالتبادر و تبادر الغير اغتراراً بأنّ المتبادر من لفظ التبادر هو ذلك المعنى؛ بمعنى السبق إلى الذهن، فلا بد أن يكون هناك عدّة معانٍ يسبق بعضها إلى الذهن من اللّفظ على الآخر [1].
ففيه: أنّ محلّ النزاع أعمّ ممّا ذكره، كما عرفت.
و بالجملة: لا فرق- في أنّ التبادر علامة للحقيقة و تبادر الغير علامة للمجاز- بين ما لو اطلق لفظ في كتاب أو حديث أو غيرهما و عُلم المراد منه- أيضاً- لكن لم يُعلم أنّه حقيقة فيه أو مجاز، و بين ما إذا لم يُستعمل أصلًا في معنىً من المعاني، لكن يُراد استعلام معناه الحقيقي الذي وضع له و تميّزه عن المجازي.
ثمّ إنّ التعبير بأنّ التبادر علامة للوضع [2] ليس بجيّد؛ لأنّ الوضع- كما عرفت- عبارة عن جعل اللّفظ للمعنى، الذي يعبَّر عنه في الاصطلاح بالوضع التعييني لا غير، و أمّا كثرة استعمال اللّفظ في معنىً مجازي حتّى غلب فيه و أفاده بغير قرينة، فقد عرفت أنّه ليس قسماً آخر للوضع.
بل التبادر كاشف عن وجود خصوصيّة و علاقة بين اللّفظ و المعنى، ناشئة إمّا عن الوضع، أو عن كثرة الاستعمال حتّى غلب فيه و أفاده بغير قرينة، لا عن الوضع فقط.
إذا تحرّر ذلك فنقول: قد اورد على علاميّة التبادر باستلزامه الدور المحال؛ لتوقّف التبادر على العلم بأنّ المتبادر من معانيه الحقيقيّة، و المفروض أنّ العلم بذلك متوقّف على التبادر [3].
و اجيب عنه: بأنّ العلم الذي يتوقّف على التبادر غير العلم الذي يتوقّف التبادر