و بالجملة: الموجود في الخارج استقلالًا هو «زيد» و «البصرة» و «الكوفة» في قولنا «سرتُ من البصرة إلى الكوفة» و أمّا الابتداء و الانتهاء فهما و إن كان لهما نحو وجود في الخارج، و ليسا من الامور العدميّة، إلّا أنّ وجودهما ليس مثل وجود «زيد» و «البصرة» و «الكوفة» في الاستقلال و الإشارة الحسّيّة إليه، فلفظتا «من» و «إلى» موضوعتان لهذين المعنيين الغير المستقلّين، بخلاف «زيد» و «البصرة» و «الكوفة».
فاتّضح بذلك: كمال الفرق بين المعنى الاسمي و الحرفيّ و عدم استقامة ما في «الكفاية» من اتّحاد معنيي الاسمي و الحرفي، و أنّ الاختلاف إنّما هو في كيفيّة الاستعمال [1].
و بعبارةٍ اخرى: الموجودات لها أقسام:
منها: ما له استقلال في الوجود خارجاً و تعقّلًا، كزيد و عمرو و نحوهما.
و منها: ما ليس له استقلال في الوجود الخارجي، لكنّه مستقلّ في التعقّل، و له ماهيّة مستقلّة، كالأعراض من السواد، و البياض و نحوهما.
و منها: ما لا استقلال له أصلًا، لا في الوجود الخارجي، و لا في اللحاظ الذهني، بل وجوده تبعي للغير الخارجي و الذهني، كالنسب و الإضافات الجزئيّة، و ابتداء السير من البصرة و انتهائه إلى الكوفة، و الأوّلان من المعاني الاسمية، و الثالث من المعاني الحرفيّة.
ثمَّ إنّهم اختلفوا في أنّ الحروف كلّها إيجاديّة و إيقاعيّة؛ بمعنى أنّ المتكلِّم يوجد باستعمال ألفاظها معانيها في الخارج و يُنشئها، أو إخطاريّة تحكي عن معانيها في الخارج، أو أنّ بعضها إيقاعيّة و بعضها إخطاريّة:
ذهب الميرزا النائيني (قدس سره) إلى الأوّل على ما في «التقريرات».