و قبل الخوض في المطلب لا بدّ من بيان المعنى الاسمي و الحرفي، و أنّهما متغايران، خلافاً لبعض؛ حيث زعم أنّهما واحد [1].
فنقول: الموجودات الخارجيّة مختلفة في كيفيّة وجودها، فالجواهر موجودة في الخارج بنفسها استقلالًا، و يُشار إليها إشارة حسّيّة، كزيد و عمرو و غيرهما، و الأعراض موجودة فيه، و يُشار إليها إشارة حسّيّة أيضاً، لكن لا بنحو الاستقلال، بل تبعاً للغير كالسواد و البياض.
و أمّا الرابط في قولنا: «زيد له البياض» و نحوه، فله أيضاً نحو وجود في الخارج، و حقيقة خاصّة في قبال العدم، إلّا أنّه ليس مثل الجواهر و الأعراض؛ يُشار إليه بالإشارة الحسّيّة، بل هو عبارة عن الكون الربطي الذي يرتبط به الموضوع بالمحمول، و لولاه لم يتحقّق الارتباط بينهما، و كذلك الرابط في قولنا: «زيد على السطح». هذا في الموجودات الخارجيّة.
و أمّا الموجودات الذهنيّة فعالم الذهن أوسع من عالم الخارج، فما يوجد في الخارج مُستقلًاّ كالجواهر، أو تبعاً كالأعراض، يوجد في الذهن أيضاً كذلك، و كذا الكون الرابط بتصوّر قولنا: «زيد له القيام» مثلًا، و يمكن تصوّر الرابط- أي مفهومه- و لحاظه استقلالًا بتصوّر كلّ واحدٍ من «زيد» و «قيام» و الرابط بينهما استقلالًا.
لكن معنى الرابط بهذا اللحاظ معنىً اسمي يحمل عليه مفهوم الرابط بالحمل الأوّلي، و معناه الأوّل حرفي يحمل عليه مفهوم الرابط حملًا شائعاً، و يمكن حكاية الرابط الملحوظ استقلالًا عن الرابط الخارجي الغير المستقلّ.