عندهم في القسم الثاني و الثالث، فذهب في «الكفاية» إلى ثبوت القسم الثاني لا الثالث؛ مُحتجّاً بأنّ العامّ صالح لأن يصير آلة للحاظ أفراده و مصاديقه بما هو عامّ، فإنّه وجهها، و معرفة وجه الشيء هو معرفته بوجهٍ، بخلاف الخاصّ، فإنّه بما هو خاصّ ليس وجهاً للعامّ و لا لسائر الأفراد، فلا يكون معرفته و تصوّره معرفةً للعامّ و لا لها أصلًا و لو بوجه [1].
لكن يرد عليه:
أوّلًا: أنّه إن أراد أنّ العامّ آلة للحاظ أفراده و حاكٍ عنها بخصوصيّاتها الشخصيّة، فهو ممنوع؛ لتباين الأفراد المُتشخّص كلٌّ بخصوصيّاته، مع أنّ العامّ من حيث هو عامّ كيف يحكي عنها بخصوصيّاتها؟!
لكن لا يعتبر في الوضع العامّ و الموضوع له الخاصّ، حكاية العامّ الملحوظ عن خصوصيّات الأفراد الموضوع لها مُفصّلًا، بل يكفي الحكاية عنها و لو إجمالًا و بوجهٍ؛ بحيث يلزم من لحاظ العامّ و تصوّره الانتقال إلى تصوّر الأفراد و لو إجمالًا.
و حينئذٍ: فيمكن لحاظ الأفراد حين الوضع بخصوصها، و وضع اللّفظ بإزاء العامّ و كلّيّها- أي الوضع الخاصّ و الموضوع له العامّ- لحكاية الخاصّ عن العامّ إجمالًا و بوجهٍ، كما أفاده في «الدرر» و مثَّل له: بأنّا إذا رأينا شخصاً و جزئيّاً خارجيّاً من دون أن نعرف تفصيلًا القدرَ المشترك بينه و بين سائر الأفراد، و لكن علمنا باشتماله على جامع مشتركٍ بينه و بين سائر الأفراد، من كلّيّه، كما لو رأينا جسماً من بعيد، و لم نعلم أنّه جماد أو حيوان، و على أي حالٍ لم نعلم أنّه من أي الأنواع، فوضعنا لفظاً لما هو مُشترك مع هذا المرئي في الخارج من العامّ، فالموضوع له هو العامّ قد لوحظ إجمالًا و لو بوجهٍ.
و ليس الوجه في الفرض إلّا الجزئي الملحوظ؛ لأنّ المفروض أنّ الجامع عند