و بعبارة اخرى: يدور الأمر فيه بين التعيين و التخيير؛ لأنّه على فرض جواز البدار واقعاً فكلّ واحد من الاختياري و الاضطراري مسقط للأمر، فهو مخيّر بينهما، و على فرض عدم جواز البدار كذلك، فالمسقط للأمر و المجزئ هو فعل المأمور به الاختياري متعيِّناً، و مقتضى القاعدة في دوران الأمر بين التعيين و التخيير هو الاشتغال؛ لأنّه لا يعلم خروج العهدة عن التكليف القطعي بفعل الاضطراري. هذا بناءً على ما اخترنا من المبنى.
و أمّا على ما اختاره في «الكفاية» من أنّ الأمر و المأمور به متعدّدان [1]، فقضيّة القاعدة هي البراءة؛ لأنّ المفروض أنّه فاقد للماء أوّل الوقت و واجد له في آخره، و شَكَّ في أنّ فعل الاضطراري مُجزٍ أو لا؛ لأجل الشكّ في أنّ العذر المسوِّغ للاضطراري، هو العذر المستوعِب بفقدانه الماء في جميع الوقت؛ كي لا يجزي، أو العذر في الجملة و لو في بعض الوقت؛ كي يجزي، فَفَعلَ التكليف الاضطراري في أوّل الوقت باحتمال وجود الأمر به؛ لما حُقِّق في محلّه: من أنّ احتماله كافٍ في الامتثال لو كان واقعاً، بل هو أولى من القطع بوجوده، و حينئذٍ فإذا ارتفع الاضطرار يشكّ في توجّه التكليف الاختياري إليه شكّاً بدويّاً؛ لاحتمال كفاية الاضطراري المأتي به، و الأصل فيه البراءة.
لا يقال: مرجع الشكّ في هذا الفرض- أيضاً- إلى الشكّ في التعيين و التخيير؛ فإنّ الأمر دائر بين أن يكون المكلّف مخيّراً بين فعل التكليف الاختياري و الاضطراري، و بين وجوب الانتظار و تعيّن فعل التكليف الاختياري؛ لأنّه إن كان الموضوع للتكليف الاضطراري هو العذر في الجملة فمقتضاه الأوّل، و إن كان هو العذر المستوعِب فالثاني، و الأصل فيه هو الاشتغال [2].
لأنّه يقال: لا دليل على وجوب الانتظار إلى زمان رفع العذر، و المفروض أنّ