غاية الاختلاف- في اللطافة المعنويّة بمراتبها و في ما يقابلها و الامتزاجات الحاصلة من الأغذية المختلفة- اختلف مبادئ خلقة أفراد الإنسان، فاختلف الأفراد اختلافاً فاحشاً في جهات مختلفة؛ بحيث لا يوجد اثنان منها يتشابهان من جميع الجهات، فإنّ الطعام مطلقاً حينما وصل إلى الجوف، و اجتذبته الجاذبة، ينتقل إلى أن يصل إلى الهضم الرابع، و يتميّز الدم بالهضم العروقي عمّا هو مبدأ خلقة الإنسان، و كلّما كان الطعام ألطف كان استعداده للسعادة أقوى.
و بالجملة: من أسباب اختلاف الإنسان في السعادة و الشقاوة بمراتبهما، هو اختلاف الأغذية و الأشربة من حيث اللطافة المعنويّة و عدمها، و من حيث اختلاطها، و يحتمل أن تكون أخبار الطينة [1] ناظرة و مشيرة إلى ذلك بإرادة اختلاف الموادّ المنويّة فيما ذكرناه من أخبارها.
و من أسباب اختلاف الأفراد في الاستعدادات: هو اختلاف أصلاب الآباء من حيث اتّصافهم بالصفات الحميدة أو المذمومة و الكمالات النفسانيّة و ما يقابلها.
و منها: اختلاف أرحام الامّهات في الطهارة المعنويّة و خباثتها فنشو الولد في الرَّحم الطاهر موجب لسعادة الولد.
و بالجملة: الصّلب الشامخ للآباء و الرحم الطاهر للُامّهات و مقابلهما، ممّا له دَخْلٌ في اختلاف مراتب الأفراد و الأولاد في السعادة و كمالها و الشقاوة و لهذا
ورد في زيارة الحسين (عليه السلام): (أشهدُ أنّك كنتَ نوراً في الأصلاب الشامخة و الأرحام المطهّرة ...)
[2] إلى آخره، فإنّ أصلاب آباء الأئمّة الطاهرين- (سلام اللَّه عليهم أجمعين)- كانت شامخة و أرحام أمّهاتهم طاهرة من لدن آدم إلى الخاتم؛ و لهذا أمر النبي (صلى الله عليه و آله و سلم)