الثالث: ما ذكره في «الدرر» قال: و الدليل على أنّ الإرادة قد تتحقّق لمصلحة في نفسها: هو الوجدان؛ لأنّا نرى إمكان أن يقصد الإنسان البقاء في مكان خاصّ عشرة أيّام؛ بملاحظة أنّ صحّة الصوم و تماميّة الصلاة تتوقّف على القصد المذكور، مع العلم بعدم ترتّب هذا الأثر على نفس البقاء واقعاً [1] انتهى.
و فيه أيضاً: أنّ المسألة عقليّة، لا عرفيّة عقلائيّة؛ ليرجع فيها إلى حكم العرف و العقلاء و الوجدان؛ لأنّا ننقل الكلام إلى القصد المذكور أنّه هل هو بالاختيار أو لا ... إلى آخره.
الرابع: ما أفاده بعض الأعاظم (قدس سره): و هو أنّ الأفعال الخارجيّة مسبوقة بالإرادة، و أمّا نفس الإرادة التي هي من أفعال النفس فهي توجد بنفسها و بذاتها [2] و هذا نظير ما يقال: إنّ وجود الموجودات إنّما هو بالوجود، و أمّا وجود نفس الوجود فبذاته، و نظير ما يقال: إنّ رطوبة كلّ شيء إنّما هو بالماء، و أمّا رطوبة نفس الماء فهي ذاتيّة له، و أنّ أبيضيّة كل شيء بالبياض، و أمّا أبيضيّة نفس البياض فذاتيّة.
و فرّع ذلك المجيب ذلك على القول بعدم الفرق بين المشتقّ و مبدئه إلّا باللّابشرطيّة و البشرطلائيّة و عدم أخذ الذات في مفهوم المشتقّ.
و فيه أيضاً: أنّا لا نُسلّم عدم أخذ الذات في مفهوم المشتقّ، بل مفهومه عبارة عن المُعنون بهذه الصفة و العنوان- كما عرفت- فلا يصحّ المبنى.
و ثانياً: أنّه وقع الخلط في كلامه (قدس سره) بين الجهة التعليليّة و التقييديّة؛ فإنّ دعوى الأشاعرة هي أنّ الإرادة من الممكنات، فهي في وجودها تفتقر إلى علّة و إرادة اخرى؛ لاستحالة وجود الممكن بلا علّة. و مرجع ما ذكره في الجواب إلى أنّه لا فرق بين المشتقّ كالمريد و مبدئه كالإرادة، إلّا أنّ الإرادة مقيّدة بعدم شيء معها، و هذا