و المعلولات الغير المتناهية الواقعة في سلسلة الممكنات، فالمجموع: إمّا واجب غني بالذات عن الغير في الوجود، و هو محال؛ لأنّ ضمّ الفقير بالذات إلى مثله- أو ضمّ الممكن إلى مثله- لا يوجب أن يصير المجموع واجباً، أو ليس بواجب، فهو المطلوب.
و ثانياً: قياس هذا البحث على البحث في الملازمة بين اللّازم و الملزوم، في غير محلّه؛ لأنّه قياس الحقائق بالاعتباريّات، فإنّ شبهة الأشاعرة هي: أنّ الإرادة من الامور الحقيقيّة و من الأفعال النفسانيّة، فإمّا أن توجد بلا إرادة و اختيار، فهو المطلوب لهم، و إلّا فلا بدّ أن يسبقها إرادة اخرى، و ننقل الكلام إليها .. و هكذا، فإمّا أن يتسلسل، و هو محال، و إمّا أن ينتهي إلى إرادة غير اختياريّة، و هو المطلوب لهم.
و أمّا اللزوم بين اللّازم و الملزوم فهو أمر انتزاعي، بل اعتباري لا حقيقة له في نفس الأمر، و لا وجود له سوى وجود اللّازم و الملزوم، اللذين هما منشأ انتزاعه، فليس للّزوم بينهما وجود مستقلّ؛ ليرد عليه ما ذكر، بخلاف الإرادة، فإنّها من الحقائق التي لها واقع، فلا وجه لقياسها بالأمر الاعتباري.
الثاني: ما أجاب به صاحب «الكفاية» في أوائل مبحث القطع: و هو أنّ الإرادة و الاختيار و إن لم تكن بالاختيار، إلّا أنّ بعض المبادئ للفعل غالباً يكون وجوده بالاختيار؛ للتمكّن من عدمه بالتأمّل فيما يترتّب على ما عزم عليه من تبعة العقوبة و اللوم و المذمّة [1] انتهى.
و فيه أوّلًا: أنّ مرجع ما أفاده (قدس سره)، هو أنّ الإرادة قد تكون بلا اختيار، و حينئذٍ فالإشكال في هذه الصورة باقٍ بحاله.
و ثانياً: ننقل الكلام إلى هذا البعض من المبادئ، فنقول: إمّا هو بالاختيار، أو بدونه. فعلى الثاني يثبت مطلوب الأشاعرة؛ لأنّ أثر الأمر الاضطراري أيضاً اضطراري، و على الأوّل يلزم التسلسل، فما ذكره (قدس سره) أيضاً ممّا لا يندفع به الإشكال.