و أمّا عدم النفرة من قولنا: «اللَّه تعالى وجود» كما قد يعبّر بذلك، فإنّما هو لأجل انس الذهن الحاصل من كثرة استعمالهم ذلك في الفلسفة و شوب أذهانهم بذلك، فهم متّهمون في ذلك، و إلّا فلا فرق بين المذكورات أصلًا كما يتنافر من القول بأنّه تعالى خالقيّة أو رازقيّة؛ لعدم الفرق بين صفات الذات و صفات الأفعال في ذلك، بل معنى العينيّة المذكورة: أنّ ذاته المقدّسة مع بساطتها جامعة لجميع هذه الصفات المختلفة، و موصوف بجميع الصفات الجماليّة و الكماليّة، من دون أن يستلزم التركّب في ذاته؛ لأنّه تعالى- في مرتبة ذاته المقدّسة- بسيط محض.
و الحاصل: أنّ معنى قولنا: «اللَّه تعالى عالم أو قادر»، أنّه جامع لجميع هذه الصفات، و قد حقّق في محلّه أنّه تعالى مع بساطته كلّ الكمال، و لا تنثلم بذلك بساطته.
الثالث من الوجوه: أن يقال إنّ جري المشتقّات مثل «عالم» و «قادر» على الذوات على نحوين:
أحدهما: ما إذا كان المبدأ فيه زائداً على الذات كما في جريها على غيره تعالى.
الثاني: ما إذا كان عين الذات كما في جريها عليه تعالى.
و الحاصل: أنّه لو أمكن إثبات أنّ جري المشتقّات عليه تعالى بنحو الحقيقة بأحد الوجوه المتقدّمة فهو، و إلّا تعيَّن الالتزام بالتجوّز، كما ذهب إليه في «الفصول» [1].
و أمّا توهّم: أنّ استعمال أهل العرف مثل «عالم» و «قادر» عليه تعالى غلطٌ؛ غفلة عن عدم صحّته؛ لعدم درك أفهامهم القاصرة لهذه المطالب الدقيقة فهو خطأ منهم من دون التفات بحيث لو نبّههم أحد لذلك رجعوا عنه [2].
فهو من الأعاجيب؛ ضرورة أنّ هذه الإطلاقات صادرة عليه تعالى من الخواصّ الملتفتين لهذه المطالب، مضافاً إلى استعمال ذلك في الأخبار و الآيات القرآنيّة،