فإنّ فيه: أنّ ما أفاده في الفرق بين المشتقّ و مبدئه صحيح، إلّا أنّ المهمّ إنّما هو بيان الوجه و العلّة لإباء المبدأ عن الحمل دون المشتقّ، و عرفت أنّ اللّابشرطيّة و البشرطلائيّة من الامور الواقعيّة النفس الأمريّة لا الاعتباريّة، و حينئذٍ فإن أراد أنّ المبدأ مأخوذ في المشتقّ مع أنّه بشرط لا، يلزم أخذ المادّة في ضمن المشتقّ بشرط لا و لا بشرط كليهما، و هو غير معقول، و إن أراد أخذه في مفهوم المشتقّ بدون قيد البشرطلائيّة، فلم تؤخذ المادّة بتمامها في المشتقّ، فلا يدلّ على تمام المبدأ، بل على بعضه.
و التحقيق أن يقال: إنّ هنا اموراً: أحدها الذات التي يجري عليها المشتقّ، و ثانيها المادّة؛ أي طبيعة الحدث، الثالث هيئة المشتقّ، و رابعها المصدر و اسمه.
و الفرق بين الذات و المصدر واضح، و كذلك بين الذات و الهيئة، و كذا بين المصدر و الهيئة، و أمّا طبيعة الحدث التي هي مدلول المادّة فليس لها تحصّل، فلا يمكن التعبير عنها كي يفرّق بينها و بين غيرها، و لا بدّ في تحصّلها من تلبّسها بهيئة، فإن تلبّست بهيئة المصدر أو اسم المصدر فهي غير قابلة للحمل على الذات، و إن تهيّأت بهيئة فاعل أو مفعول تقبل الحمل عليها، فالدالّ على الذات في قولنا: «زيد ضارب» هو لفظ «زيد» الغير القابل للتحليل، و لفظ «ضارب» دالّ على الذات المعنونة بهذا العنوان بنحو الحمل الشائع، لا التقيّد المفهومي، فهو معنىً بسيط، لكنّه قابل للانحلال بما أنّه مدلول، و الدالّ على نفس العنوان هو المبدأ.
قال في «الفصول»:- بعد بيان أنّ الحمل يستدعي التغاير من وجه و الاتّحاد من وجهٍ آخر- ما ملخّصه:
أنّ التغاير بين الموضوع و المحمول: إمّا اعتباري و الاتّحاد حقيقي، مثل «زيد إنسان» و «الإنسان حيوان ناطق».
و إمّا حقيقي في تقرّرهما الماهوي، أو في الوجود و الاتّحاد اعتباري بتنزيل