و قد تُعتبر في الماهيّات شروط، كالطهارة و الستر و الاستقبال و نحوها في الصلاة، فلا تتحقّق تلك الماهيّة بدونها، و قد يعتبر شرط لأجزاء الماهيّة: إمّا في تحقّقها، أو في جزئيّتها للصلاة، كالطمأنينة في حال الركوع و السجود و القراءة و غيرها، و قد يعتبر شرط لفردٍ خاصّ كإيقاع الصلاة في المسجد.
إذا عرفت هذا فاعلم: أنّه لا شبهة في انتفاء الماهية بانتفاء الأجزاء و الشرائط المعتبرة في الماهيّة نفسها، بناءً على قول الصحيحي، و انتفاء الماهيّة المأمور بها على قول الأعمّي.
و أمّا الأجزاء الغير المقوّمة فهي ليست كذلك، فإنّ انتفاء مثل القنوت و التكبيرات الافتتاحيّة، لا يوجب انتفاء أصل الماهيّة أو الماهيّة المأمور بها، بل هي شرائط لكمال الفرد، كما ذكره الاصوليّون.
لكن فيه إشكال: هو أنّه كيف يوجب القنوتُ كمالَ سائر الأجزاء و عدمُهُ سلب كمالها؟ فإنّ القنوت أمر مندوب يُثاب على فعله لو أتى به المصلّي، و إلّا فلا يترتّب عليه هذا الثواب، و لا ربط له بسائر الأجزاء، كالقراءة و الركوع و نحوهما، فلا يزيد كمالُها بوجود جزء غير مقوّم.
نعم: الماهيّات الحقيقيّة كذلك؛ فإنّ للإنسان مرتبة خاصّة من الكمال، يزيد كماله بتحصيل العلم و الصنعة و نحوهما؛ لاتّحاد تلك الأوصاف مع أعضائه الخارجيّة في الخارج، و لو اتّصف بالجهل أو الفسق أو الزنجيّة- مثلًا- أوجب ذلك انحطاطه عن تلك المرتبة من الكمال؛ لمكان اتّحادها معه في الخارج، بخلاف الماهيّات الاعتباريّة كما عرفت.
و بعبارة اخرى: لا بدّ في تحقّق الماهيّات الحقيقيّة من «كمٍّ» خاص و «كيفٍ» خاصٍّ و «وضعٍ» خاصٍّ و هكذا، و تتّحد هذه العناوين مع المكمّم و المتكيّف، و كذلك الأوصاف العارضة لها- كالعلم و العدالة و ما يقابلهما و نحوها- فإنّه ليس لكمّها و كيفها