نام کتاب : تذكرة الخواص نویسنده : سبط بن الجوزي جلد : 1 صفحه : 141
و عرضت عليك اعمالك غدا بالمحل الأعلى الذي يتمنى فيه المضيع للتوبة الخلاص و لات حين مناص.
فكتب اليه ابن عباس: لان القى اللّه بكل ما على ظهر الارض و بطنها أحب إلي من ان القاه بدم امرئ مسلم.
فكتب اليه علي (ع): ان الدماء التي اشرت اليها قد خضتها الى ساقيك و بذلت في اراقتها جهدك و وضعت بإباحتها حظك و تقشعت عنها فتياك و اذ لم تستح فافعل ما شئت قال أبو اراكة ثم ندم [1]ابن عباس و اعتذر الى علي (ع) و قبل أمير المؤمنين عذره و قيل انه عاد الى الكوفة و الصحيح انه لم يزل مقيما بمكة حتى استشهد علي (ع) في هذه السنة و لما قتل الحسين (ع) لم يزل ابن عباس يبكي عليه حتى ذهب بصره.
قال عكرمة: و سمع أقواما يتناولون عليا (ع) فقال: ويحكم أ تذكرون رجلا كان يسمع وطأ جبريل (ع) فوق بيته و لقد عاتب اللّه أصحاب رسوله في القرآن و لم يذكره إلا بخير.
فصل من كلامه في المحن
روى أبو أراكه قال: سمعت عليا (ع) يقول ان للمحن غايات تنتهي اليها فسبيل العاقل أن يقف عندها حتى ينقضي وقتها فان أعمال الحيلة في تقضيها زيادة فيها و قال علي (ع)[2]و قد سمع رجلا يذم الدنيا أيها الذام للدنيا و هو مغتر بغرورها يا ليت شعري متى استهوتك أم متى غرتك أم بمصارع آبائك في البلى أم بمضاجع أمهاتك نحت الثرى كم عللت بكفيك و كم مرضت بيديك تبغي لهم الشفاء و تستوصف لهم الدواء الاطباء لم ينتفع أحد منهم باشفاقك و لم يغن عنه اجتهادك و لم تدفع عنه بقوتك ان الدنيا دار صدق لمن صدقها و دار عافية لمن تزود منها و دار موعظة لمن اتعظ بها مسجد احباء اللّه و مصلى ملائكته و مهبط وحيه و متجر أوليائه اكتسبوا فيها الرحمة و حصلوا فيها الجنة فمن ذا يذمها و قد أذنت ببنيها و نادت بفرقتها و نعت نفسها و أهلها
[1] و في نسخة: ثم ندم ابن عباس و عاد الى مولاه أمير المؤمنين (ع) و جاء من مكة معتذرا اليه و اخبره انه فرق الاموال في أهلها، و الصحيح ان ابن عباس أقام بمكة حتى قتل أمير المؤمنين (ع).