فالصّلاة تارة بمعنى الدعاء، و اخرى بمعنى التعظيم. هذا لغةً.
و في الشّرع يمكن أن يكون هو المعنى، و أمّا الأجزاء، فإنّما اعتبرها في متعلَّق الأمر، و كذلك لفظ «الصّيام» و «الحج» و غيرهما، لكنّ المشكلة في لفظ «الصّلاة» ما جاء في بعض الروايات من جعل «الدعاء» جزءاً من أجزائها، فهذا يمنعنا من القول بأنّ الموضوع له شرعاً هو الدعاء أيضاً، و لو لا ذلك، فإن إطلاقات الكتاب أيضاً تناسب أن يكون المعنى هو التخشّع و الدعاء كما في اللّغة، و أنّ هذا اللّفظ في الأديان السابقة أيضاً كان بهذا المعنى.
و قد وقع البحث بين الفقهاء في حقيقة صلاة الميّت، و الذي يفيده النظر الدقيق في الأخبار أنها صلاة حقيقةً، و من المعلوم اشتمالها على الدعاء و التخشّع، و عدم وجود الركوع و السجود فيها، ففي الصحيحة: «إنها ليست بصلاةِ ركوعٍ و سجود» [1] فهي صلاةٌ لكن لا صلاة ركوع و سجود.
و من هذه الأخبار أيضاً يظهر أن ذات الأركان قسمٌ من الصّلاة، لا أن لفظ الصّلاة موضوع لها فقط ... نعم، هي معتبرةٌ في متعلَّق الأمر.
و لو قيل: إنَّ صحيحة الحلبي: «الصلاة ثلاث أثلاث: ثلث طهور، و ثلث ركوع، و ثلث سجود» [2] ظاهرة في دخل الركوع و السجود في المسمّى الموضوع له لفظ الصّلاة.
قلنا: فقوله (عليه السلام) «ثلث طهور» مانعٌ من هذا الاستظهار، للقطع بعدم كون الطّهور من أجزاء الصّلاة.
فحقيقة الصلاة- بالنظر إلى إطلاقات الكتاب و السنّة- هو التعظيم
[1] وسائل الشيعة 3/ 90 ط مؤسّسة آل البيت (عليهم السلام)، الباب 8 من أبواب صلاة الجنازة، رقم: 1.
[2] وسائل الشيعة 6/ 310، الباب 9 من أبواب الركوع و السجود، رقم: 1.