و الوجود أمر يعرفه أهل العرف و يفهمه، فهم كما يعرفون الركوع و السجود و ... و يفهمونها، كذلك وجود هذه الأشياء واضح عندهم بل أوضح و أبين.
و ثانياً: بأن الألفاظ إنما توضع على ما هو قابلٌ للوجود، و حقيقة الوجود ليست من الامور القابلة للوجود.
توضيحه: إنّ الحكمة من الوضع هو الانتقال، و الانتقال هو وجود الشيء في الادراك، و ليس للموجود وجود في الإدراك- لأن الوجود إما ذهني و إمّا خارجي، فالخارجي لا يأتي إلى الذهن، لأن المقابل لا يقبل المقابل، و الذهني لا يأتي كذلك، لأن المماثل لا يقبل المماثل- وعليه، فليس لحقيقة الوجود لفظ موضوع له.
إذن .. لا يمكن أنْ يكون اللّفظ موضوعاً لواقع الوجود.
و فيه:
إنّ الموضوع له اللّفظ هو واقع الوجود و حقيقته، و ليس الماهيّة، و إلّا لزم أن لا يكون لفظ يعبّر عن الباري تعالى، لأنّه لا ماهية له. هذا أولًا.
و ثانياً: إنه لو كان حكمة الوضع هو القابليّة للانتقال بالكنه، فللإشكال وجه، لكنّ المراد هو القابليّة بالوجه، و هذا بالوجود حاصل، ففي الوجود يمكن الانتقال بالوجه، و لذا كان معرفة الشيء بوجهه معرفة بوجهٍ.
فما أورده المحقق الأصفهاني و تبعه في (المحاضرات) غير وارد.
و أورد شيخنا بما يلي:
أولًا:
إن هذا ينافي مختار المحقق العراقي في حقيقة الوضع، فقد قال هناك بأن الوضع عبارة عن ملازمةٍ بين طبيعي اللّفظ و المعنى، أو اختصاصٍ بين