تكويني و إمّا اعتباري، و التكويني إما خارجي و إما ذهني، فالاعتباري الجعلي يتبع الجعل و الاعتبار كما هو واضح، و التكويني يتحقق على أثر علله الواقعيّة، و الاعتباري على قسمين: الوجود الكتبي و الوجود اللّفظي.
مثلًا: قولنا: «اكتب» يشتمل على نسبةٍ، توجد هذه النسبة تارةً في الخارج بتحريك العبد نحو الكتابة، فتكون النسبة خارجيةً بين الكاتب و الكتابة، و قد توجد هذه النسبة في الذهن فتكون وجوداً ذهنيّاً، و قد تلفظ الجملة فتأخذ النسبة وجوداً لفظيّاً، فإن كتبت كان وجودها وجوداً كتبيّاً.
إذا عرفت هذا، فمن الواضح أن الألفاظ ليست من مقدّمات الوجود التكويني لشيء من الأشياء، بل الوجودات التكوينيّة تابعة لعللها كما ذكرنا، فإنْ اريد من إيجاد اللّفظ للمعنى الوجود و الإيجاد تكويناً، فهذا باطل، و إنْ كان المراد منه هو الإيجاد الاعتباري، أي إيجاد المعنى في عالم الاعتبار، فإنّ الاعتبار نفسه كاف لتحقق الوجود الاعتباري للشيء، و لا حاجة إلى توسيط اللّفظ و الهيئة، فالزوجية و الملكية و نحوهما امور اعتبارية موجودة بالاعتبار، و لا عليّة لقولنا: أنكحت، و زوّجت، و ملّكت، لوجود الزوجيّة و الملكيّة و غيرها في عالم الاعتبار.
فظهر أنْ لا سببيّة للّفظ في تحقّق المعنى و وجوده، لا إيجاداً تكوينياً و لا إيجاداً اعتبارياً مطلقاً، فما ذكره المشهور باطل.
نعم، الذي يمكن تعقّله هو أنّ المعنى يوجد بواسطة اللّفظ بوجودٍ جعلي عرضي، و الجملتان الإخبارية و الإنشائية مشتركتان في هذه الجهة، أي إيجاد المعنى بالوجود العرضي الجعلي، فإذا قلنا: زيد قائم، أوجدنا النسبة بين القيام و زيد، لكن بالوجود العرضي لا بالوجود الخارجي الحقيقي، فإنّه