فإنّه ظاهر في صحّة شراء شيء بغير وصف و لا رؤية، و هو قطعي البطلان حتّى عندهم، كما ذكروه في بطلان بيع المجهول.
و من الغريب حكمهم أنّ هذا الخيار لا يورّث، كما في:
(مادّة: 321) خيار الرؤية لا ينتقل إلى الوارث. فإذا مات المشتري قبل أن يرى المبيع لزم البيع، و لا خيار لوارثه 1 .
لعمرك إنّ هذا من أحكام الجزاف القاسية الّتي لا يقبلها عقل و لا ذوق فضلا عن الشرع!
و كيف يلزم الوارث المسكين بمبيع ما رآه مورّثه و لا كان لازما عليه، فتجتمع على الورثة مصيبتان: فقد مورّثهم، و إلزامهم بمال ربّما لا يرغبون فيه، و لا رغب مورّثهم فيه، و لا يكون من صالحهم، كما لو كان قد اشترى ضيعة أو مزرعة أو نحو ذلك ممّا له شأن في نظم حياتهم؟!
و من هنا نقول-و حقّا نقول-: إنّه لو كان الخيار في كلّ نوع من أنواعه لا يورّث، فهذا النوع-أعني: خيار الرؤية-يجب أن يكون موروثا.
كيف!و قد عرفت أنّ جميع أنواع الخيارات موروثة؛ لأنّها بأجمعها حقّ مالي، فيشمله دليل: «ما ترك الميّت من حقّ فهو لوارثه» 2 .
ثمّ إنّ دليل خيار الرؤية و إن كان قد ورد في خصوص المشتري إذا اشترى
[2] تقدّم ذلك في ص 499 و 518. و الظاهر أنّ هذا الحديث نبوي، و قريب منه ما في الوسائل و لاء ضمان الجريرة 3: 14 (24: 251) .
و راجع: مسند أحمد 2: 453 و 4: 131، سنن ابن ماجة 2: 914، سنن أبي داود 3: 123، شرح معاني الآثار 4: 398، سنن الدارقطني 4: 85-86، السنن الكبرى للبيهقي 6: 214.