و ليس الإيجاب-كما عرفت-إلاّ جعل ملكية زيد لدارك أمرا واقعا، و حيث إنّك أنشأت هذه الملكية و أوقعتها و جعلتها أمرا واقعا، فيلزمك- عقلا و شرعا-أن تلتزم بها و لا تنقضها، فالالتزام حكم من أحكام العقد، لا نفس العقد، و لا جزء منه، بل و لا لازم له، بل عرض من عوارضه المفارقة.
و كذا الكلام في الارتباط، فإنّه وصف اعتباري ركني لركني العقد، و هما الإيجاب و القبول، لا جزء منه، و لا مدلول له، و إنّما هو معنى حرفي غير مستقل باللحاظ حتّى يفسّر به العقد.
على أنّ الوصف المعتبر في الإيجاب و القبول هو الربط، لا الارتباط، فإنّ المتعاقدين يربطان كلا منهما بالآخر، و لكنّه قد يرتبط و قد لا يرتبط، و حال الربط و الارتباط حال العقد و الانعقاد نظير: الكسر و الانكسار، فإذا كان العقد صحيحا جامعا للشرائط شرعا و عرفا تقول: عقدته فانعقد، و إن لم يكن كذلك تقول: عقدته فلم ينعقد، كما تقول: كسرته فانكسر تارة، و كسرته و لم ينكسر أخرى، و هكذا الربط و الارتباط.
و بهذا البيان يتّضح المراد بـ:
(مادّة: 104) الانعقاد: تعلّق كلّ من الإيجاب و القبول بالآخر على وجه مشروع يظهر أثره في متعلّقهما 1 .
و كان حقّ التعبير أن يقال: الانعقاد: وقوع الإيجاب و القبول بنحو يترتّب عليه الأثر المقصود من العقد.
[1] قارن: شرح فتح القدير 5: 456، الكفاية للخوارزمي 5: 456، شرح العناية للبابرتي 5: