و يكن التفصّي عن الإشكال: بأنّ مفاد القاعدة هو اعتبار الملك في الرهن، فلا رهن إلاّ في ملك، أي: في ملك الراهن، و الراهن هنا-أي: في العارية-هو المالك المعير لا المديون المستعير، و لا مانع من أن يرهن الإنسان مال نفسه على دين غيره تبرّعا، إنّما الممنوع أن يرهن مال غيره على دين نفسه، فهو رهن حقيقة، و عارية صورة.
و أدقّ من هذا و أعمق[أن يقال]: إنّ المالك كما أنّ له أن يجعل ذمّته مشغولة بدين الغير، فيكون ضمانا بمعناه المعروف، و يصير في عهدته، كذلك له أن يجعل ماله مشغولا بدين غيره، و يكون دين الغير في عهدة ماله، بحيث لو عجز المديون عن الوفاء يكون ماله المرهون هو الّذي يفي عنه.
فهو قد يرجع-ببعض الاعتبارات-إلى الضمان المصطلح، و لكن ضمان ذمّة المال، لا ضمان ذمّة الرجال.
و يصحّ أن تقول: للرجل تارة أن يجعل المال في ذمّته، و أخرى يجعل ذمّته في ماله.
و على هذا، فإن شئت فسمه ضمانا أو عارية أو رهنا، و لا مشاحة في التسمية، فتدبّره و اغتنمه، فإنّه من منفرداتنا، و للّه المنّة.
13-كلّ ما يصحّ بيعه تصحّ هبته، و كلّ ما لا يصحّ بيعه لا تصحّ هبته 1 .
طرد هذه القاعدة ممّا لا إشكال فيه في الجملة؛ ضرورة أنّ البيع
[1] قواعد الأحكام 2: 406، القواعد و الفوائد 2: 266، الأقطاب الفقهيّة 120، مفتاح الكرامة 18: 275-276.
و انظر: بدائع الصنائع 8: 95، القواعد للحصني 4: 183، الأشباه و النظائر للسيوطي 722.