و الثالث: القول بكفاية الامتثال الظنّي بحكم العقل، بمعنى: أنّ العقل يحكم بجواز الاكتفاء بالظنّ بالامتثال في الخروج عن عهدة الأحكام المنجّزة بسبب العلم الإجمالي بها بعد التنزّل عن الاطاعة العلمية للتكاليف المحتملة، و لازم هذا الوجه الاحتياط في دائرة المظنونات و المشكوكات و الرخصة في ترك خصوص الموهومات بخلاف الأوّلين، فانّ نتيجتهما جواز الاقتصار على المظنونات، هذا.
و وجه خروج حجّية الظنّ على الحكومة: أنّ شأن العقل إدراك حسن العقاب و استحقاقه و عدمه، لا جعل الكاشفية و الطريقية. فحجّية الظنّ على الحكومة لا يؤدّي إلى استنباط الحكم الشرعي بل إلى صرف منجّزيته و العذر من قبله.
أقول: يرد عليه أوّلا: أنّ هذا التعريف كتعريف المشهور تعريف بالغرض، و قد صرّح هو بأنّ ملاك وحدة العلم وحدة الغرض المترتّب على مسائله [1]. و عليه فإن قبلنا تعريف المشهور فبها، و أمّا إن لم نقبل و أضفنا إليه الضميمة، فيلزم منه أن يكون علم الاصول علمين، لكون الغرض المترتّب على مسائله غرضين:
غرض الاستنباط، و غرض الانتهاء في مقام العمل.
و إن فرضنا وجود جامع بينهما، يلزم أن يكون التعريف الصحيح بيان ذلك الجامع دون المصاديق، و من الواضح عدم ورود هذا الإيراد على تعريف المشهور.
ثانيا: أن لا حاجة إلى الضميمة أصلا، و الصحيح كفاية ما أفاده المشهور، لأنّ المقصود من الاستنباط ليس خصوص الكشف عن الحكم، بل يشمل إقامة المنجّز و المعذّر عليه، فإنّ فهم تنجّز الحكم على تقدير ثبوته المؤدّي إلى لزوم الاحتياط في حقّه، أو عدمه المؤدّي إلى البراءة عنه و اللّاحرجيّة من جهته، نوع من الاستنباط في مصطلح الفقهاء. و لو أنكرنا ذلك أشكل الأمر حتى في