لم يزل المنذر بن ماء السماء كذلك حتى مرّ به رجل من طيء يقال له حنظلة بن أبي عفراء أو ابن أبي عفر، فقال له: أبيت اللعن و اللّه ما أتيتك زائرا و لأهلي من خيرك مائرا فلا تكن ميرتهم قتلي. فقال: لا بدّ من ذلك، فاسأل حاجة أقضيها لك، فقال:
تؤجّلني سنة أرجع فيها إلى أهلي و أحكم من أمرهم ما أريد، ثمّ أصير إليك فأنفذ فيّ حكمك. فقال: و من يكفل بك حتى تعود فنظر في وجوه جلسائه فعرف منهم شريك ابن عمرو أبا الحوفزان بن شريك، فأنشد يقول:
يا شريك يا بن عمرو # ما من الموت محاله
يا شريك يا بن عمرو # يا أخا من لا أخا له
يا أخا شيبان فكّ الـ # يوم رهنا قد أناله
يا أخا كلّ مضاف # وحيا من لا حيا له
إنّ شيبان قبيل # أكرم الله رجاله
و أبوك الخير عمرو # و شراحيل الحما له
رقياك اليوم في المجد # و في حسن المقاله
فوثب شريك، و قال: أبيت اللعن، يدي بيده و دمي بدمه إن لم يعد إلى أجله.
فأطلقه المنذر. فلمّا كان من القابل جلس في مجلسه ينتظر حنظلة أن يأتيه، فأبطأ عليه، فأمر بشريك فقرّب ليقتله، فلم يشعر إلاّ براكب قد طلع عليهم، فتأمّلوه، فإذا هو حنظلة قد أقبل متكفّنا متحنّطا معه نادبته تندبه، و قد قامت نادبة شريك تندبه. فلمّا رآه المنذر عجب من وفائهما و كرمهما، فأطلقهما و أبطل تلك السنّة. [1]
حكاية القصّار مع الملك
قال ياقوت الحموي: حدّث هشام بن محمد الكلبي، قال: حدّثني شرقي ابن