و بين هاتيك التلول و الهضاب أبنية قد شيدت في عصر الجاهلية و قد عقد بعضها عقدا محكما قد غارت به الأرض حتى كادت تبتلعه عن آخره، و لا يظهر منه إلاّ أثر بناء السقف و معدّاته الطاباق الصلب، و قد شدّ بعضه إلى بعض بالجص القوي و طلي بالبورق.
قال رفيقي الأعرابي: هذا البناء كان سردابا بعيد الغور و قد دخله والدي قبل 30 سنة و لمّا خرج منه كاد يغشى عليه، و هو لم يخرج منه إلاّ لأنّه أحسّ بسلب قواه و لهذا لم يتمكّن من رؤية شيء. و بين هاتيك الربوات آثار اسس أبنية بارزة للعيان قد هدمها الأعراب، و استلّوا حجارتها واحدا بعد واحد و نقلوها إلى أراضيهم ليبنوا بها دورا يتحصّنون فيها يسمّونها قلاعا، و لم يبق من ارتفاع هذه الأبنية إلاّ متر و نصف، و أكثرها بهيئة دعائم مفتولة، و محيط أكثر هذه الأساطين يتراوح بين المترين و ثلاثة أمتار.
و قد ذكر لي دليلي الأعرابي نقلا عن أجداده أنّ هذه الأنقاض كانت قبل نحو نصف قرن دورا فسيحة الأفناء و الجنبات، فنقضها أهل البادية انتفاعا بآجرها، و قد مسحنا هذه الأبنية الباقية فوجدنا طولها قراب 35 مترا و عرضها زهاء 28 مترا على شكل مستطيل.
و في شمال هذه الدوارس بئر مهجورة بين يديها حوض من الرخام مستطيل و يبلغ طوله نحو مترين في عرض متر، و البئر مملوءة ترابا، و لا يرى من عمقها سوى مترين و نصف و هي مطويّة بالطاباق الحسن، و على بعد ما يقارب 50 مترا من غربي هذا البئر قبر قد ابتلعته الأرض و لا يرى منه الا مقدار 20 سنتمترا. و هناك بناء معقود طوله متران و نصف و عرضه متران قوسي الشكل و ليس عليه كتابة تدلّنا على صاحبه و تشير إلى عهده.
و هناك أقوال في باني هذه الآثار كلّها لا يقوم عليها دليل يعضدها، و الرأي الوجيه
قفي الجعارة (الحيرة) عن طريق بحر النجف، فنجتاز المصعاد ثمّ الظهر. و كانت يومئذ الروابي و المرتفعات الأثريّة المعروفة لدى السواد الأعظم بـ"طعيريزات"ظاهرة للعيان على يمين الطريق مطلّة على البحر.